للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجواب: هذه كالتي قبلها، فيها إثبات السلام والأمن له من الله في كل أحواله، وليس فيها تحديد لمدة حياته، ولا لوقت موته، فيجب الرجوع إلى النصوص الأخرى التي تبين ذلك كما تقدم بيانه.

الآية الثانية عشرة: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} (١) {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ} (٢) الجواب: هذه الآية سبقت للرد على من عبد غير الله من الملائكة، وعزيز وعيسى واللات والعزى ومناة، ببيان أنهم لا يخلقون شيئا ما ولا ذبابا، بل هم مخلوقون مربوبون أموات غير أحياء.

لكن الأدلة الأخرى دلت على بقاء عيسى عليه السلام حيا؛ حتى ينزل ويحكم بين الناس بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ثم يموت.

الآية الثالثة عشرة: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (٣).

الجواب: هذه الآية أمر الله فيها بالإيمان بجميع الأنبياء وما أنزل إليهم من ربهم، وبين أنه سبحانه لا يفرق بينهما في وجوب الإيمان بهم، وما أنزل إليهم من الله، وفي هذا رد على اليهود والنصارى الذين قالوا: كونوا هودا أو نصارى تهتدوا، وبيان لما أجمل من الرد عليهم في قوله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (٤) وليس المراد الأمر بعدم التفريق بينهم في الموت والحياة، فإن هذا لا يرشد إليه سياق الكلام، بل يرشد إلى ما ذكرنا.

كما أن ذلك مما لم تدع إليه الرسل فحمل الآية عليه تحريف لها عما سيقت له من المعنى، وعلى تقدير حمل قوله تعالى: {لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} (٥) على عمومة حتى يشمل عدم التفريق


(١) سورة النحل الآية ٢٠
(٢) سورة النحل الآية ٢١
(٣) سورة البقرة الآية ١٣٦
(٤) سورة البقرة الآية ١٣٥
(٥) سورة البقرة الآية ١٣٦