للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في شرح حديث البراء: «نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن سبع، نهى عن خاتم الذهب (١)» الحديث، قال: (النهي عن خاتم الذهب أو التختم به مختص بالرجال دون النساء، فقد نقل الإجماع على إباحته للنساء) (٢)، اهـ.

ويدل أيضا على حل الذهب للنساء مطلقا محلقا وغير محلق مع الحديثين السابقين، ومع ما ذكره الأئمة المذكورون آنفا من إجماع أهل العلم على ذلك الأحاديث الآتية:

١ - ما رواه أبو داود والنسائي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها، وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال لها: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا. قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فخلعتهما فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: هما لله ولرسوله (٣)»، فأوضح لها النبي صلى الله عليه وسلم وجوب الزكاة في المسكتين المذكورتين، ولم ينكر عليها لبس ابنتها لهما، فدل على حل ذلك، وهما محلقتان، والحديث صحيح، وإسناده جيد، كما نبه عليه الحافظ في البلوغ.

٢ - ما جاء في سنن أبي داود بإسناد صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: «قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم حلية من عند النجاشي أهداها له، فيها خاتم من ذهب فيه فص حبشي، قالت: فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعود معرضا عنه أو ببعض أصابعه، ثم دعى أمامة ابنة أبي العاص ابنة ابنته زينب فقال: (تحلي بهذه يا بنية) فقد أعطى صلى الله عليه وسلم أمامة خاتما، وهو حلقة من الذهب وقال: تحلي به (٤)». فدل على حل الذهب المحلق نصا.

-٣ما رواه أبو داود والدارقطني وصححه الحاكم - كما في بلوغ المرام - «عن أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت تلبس أوضاحا من ذهب فقالت: يا رسول الله أكنز هو؟ قال: إذا أديت زكاته فليس بكنز (٥)»، اهـ.

وأما الأحاديث التي ظاهرها النهي عن لبس الذهب للنساء فهي شاذة مخالفة لما هو أصح منها وأثبت، وقد قرر أئمة الحديث أن ما جاء من الأحاديث بأسانيد جيدة لكنها مخالفة لأحاديث أصح منها، ولم يمكن الجمع ولم يعرف التاريخ؛ فإنها تعتبر شاذة لا يعول عليها ولا يعمل بها، قال الحافظ العراقي - رحمه الله - في الألفية:

وذو الشذوذ مما يخالف الثقة ... فيه الملا فالشافعي حققه

وقال الحافظ ابن حجر في النخبة ما نصه:


(١) صحيح البخاري اللباس (٥٨٦٣)، صحيح مسلم اللباس والزينة (٢٠٦٦)، سنن الترمذي الأدب (٢٨٠٩)، سنن النسائي الجنائز (١٩٣٩)، سنن ابن ماجه الكفارات (٢١١٥)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٢٨٧).
(٢) فتح الباري للحافظ ابن حجر ج ١ص ٣١٧.
(٣) سنن النسائي الزكاة (٢٤٧٩)، سنن أبو داود الزكاة (١٥٦٣)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٠٤).
(٤) سنن أبو داود الخاتم (٤٢٣٥)، سنن ابن ماجه اللباس (٣٦٤٤)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١١٩).
(٥) سنن أبو داود الزكاة (١٥٦٤).