صفحة ٢٩٧ من المجلد الثاني من مجموع الفتاوى، وصفحتين بعدها ما ملخصه:
ولما ظهرت الجهمية المنكرة لمباينة الله وعلوه على خلقه؛ افترق الناس في هذا الباب على أربعة أقوال: فالسلف والأئمة يقولون: إن الله فوق سماواته مستو على عرشه، بائن عن خلقه كما دل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة. والقول الثاني: قول معطلة الجهمية ونفاتهم، وهم الذين يقولون: لا هو داخل العالم ولا خارجه، ولا مباين له ولا محايث له، فينفون الوصفين المتقابلين اللذين لا يخلو موجود عن أحدهما، كما يقول ذلك أكثر المعتزلة ومن وافقهم من غيرهم.
والقول الثالث: قول حلولية الجهمية الذين يقولون: إنه بذاته في كل مكان. كما يقول ذلك أتباع حسين النجار وغيرهم من الجهمية.
والقول الرابع: قول من يقول: إن الله بذاته فوق العالم، وهو بذاته في كل مكان. وهذا قول طوائف من أهل الكلام والتصوف كأبي معاذ وأمثاله. وقد ذكر الأشعري في المقالات هذا عن طوائف.
ويوجد في كلام السالمية كأبي طالب المكي وأتباعه كأبي الحكم ابن برجان وأمثاله ما يشير إلى نحو من هذا، وفي الجملة فالقول بالحلول أو ما يناسبه وقع فيه كثير من متأخري الصوفية؛ ولهذا كان أئمة القوم يحذرون منه. انتهى المقصود من كلامه.
وما ذكره شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - عن الذين يقولون: إن الله بذاته فوق العالم، وهو بذاته في كل مكان، هو بعينه قول المردود عليه حيث زعم أن معية الله لخلقه معية ذاتية وهو مع ذلك مستو على عرشه.