للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو عمرو الطلمنكي: وأجمعوا - يعني أهل السنة والجماعة - على أن لله عرشا، وعلى أنه مستو على عرشه، وعلمه وقدرته وتدبيره بكل ما خلقه. قال: فأجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (١)، ونحو ذلك في القرآن أن ذلك علمه، وأن الله فوق السماوات بذاته مستو على عرشه كيف شاء.

قال: وقال أهل السنة في قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (٢)، الاستواء من الله على عرشه المجيد على الحقيقة لا على المجاز، انتهى، وقد نقله شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في شرح حديث النزول، وهو في صفحة ٥١٩ من المجلد الخامس من مجموع الفتاوى، ونقل بعضه الذهبي في كتاب "العلو" وابن القيم في كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية".

ونقل شيخ الإسلام أيضا عن أبي عمرو الطلمنكي أنه قال: وقد أجمع المسلمون من أهل السنة على أن الله على عرشه بائن من جميع خلقه. وتعالى الله عن قول أهل الزيغ وعما يقول الظالمون علوا كبيرا، انتهى، وهو مذكور في صفحة ٥٠١ من المجلد الخامس من مجموع الفتاوى.

وروى البيهقي في كتاب "الأسماء والصفات " بإسناد صحيح عن الأوزاعي قال: كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله تعالى ذكره فوق عرشه، ونؤمن بما وردت السنة به من صفاته جل وعلا. وقد ذكر شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله تعالى - قول الأوزاعي في (الفتوى الحموية الكبرى)، ثم قال: وقد حكى الأوزاعي -وهو أحد الأئمة الأربعة في عصر تابع التابعين، الذين هم مالك إمام أهل الحجاز، والأوزاعي إمام أهل الشام، والليث إمام أهل مصر، والثوري إمام أهل العراق - حكى شهرة القول في زمن التابعين بالإيمان، بأن الله فوق العرش وبصفاته السمعية. وإنما قال الأوزاعي هذا بعد ظهور مذهب جهم المنكر لكون الله فوق عرشه، والنافي لصفاته؛ ليعرف الناس أن مذهب السلف خلاف ذلك، انتهى.

وقد ذكر ابن القيم - رحمه الله تعالى - كلام الأوزاعي في كتابه "اجتماع الجيوش الإسلامية"، ثم قال: هذا الأثر يدخل في حكاية مذهبه ومذهب التابعين، انتهى.

وقال الذهبي في كتاب "العلو" قال أبو أحمد الحاكم وأبو بكر النقاش المفسر واللفظ


(١) سورة الحديد الآية ٤
(٢) سورة طه الآية ٥