للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل: علمه عز وجل. والله على عرشه، وعلمه محيط بهم وبكل شيء من خلقه. كذا فسره أهل العلم. والآية يدل أولها وآخرها على أنه العلم، قال الله - عز وجل -: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ} (١) إلى قوله: {ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (٢)، فابتدأ عز وجل الآية بالعلم وختمها بالعلم، فعلمه محيط بجميع خلقه، وهو على عرشه، وهذا قول المسلمين.

قال: وفي كتاب الله - عز وجل - آيات تدل على أن الله - عز وجل - في السماء على عرشه محيط بجميع خلقه - وذكر آيات في ذلك وقد ذكرتها فيما تقدم - ثم قال: "باب ذكر السنن التي دلت العقلاء على أن الله - عز وجل - على عرشه فوق سبع سماواته، وعلمه محيط بكل شيء، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وذكر أحاديث كثيرة في ذلك، وقد ذكرتها فيما تقدم، ثم قال: فهذه السنن قد اتفقت معانيها، ويصدق بعضها بعضا، وكلها تدل على ما قلنا أن الله - عز وجل - على عرشه فوق سماواته، وقد أحاط علمه بكل شيء، وأنه سميع بصير خبير. انتهى المقصود من كلامه ملخصا. وقد نقل الذهبي في كتاب "العلو" وابن القيم في كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية" بعض كلام الآخر مختصرا إلى قوله: وهذا قول المسلمين.

وقال الإمام الزاهد أبو عبد الله بن بطة العابري - شيخ الحنابلة - في كتابه "الإبانة" باب الإيمان بأن الله على عرشه، بائن من خلقه وعلمه، محيط بجميع خلقه، أجمع المسلمون من الصحابة والتابعين أن الله على عرشه فوق سماواته، بائن من خلقه. فأما قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ} (٣) فهو كما قالت العلماء. علمه. وأما قوله: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} (٤) معناه أنه هو الله في السماوات، وهو الله في الأرض إله، وتصديقه في كتاب الله: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} (٥)، واحتج الجهمي بقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} (٦) فقال: إن الله معنا وفينا، وقد فسر العلماء أن ذلك علمه. غ قال تعالى في آخرها: {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (٧) انتهى.

وقد نقله عنه الذهبي في كتاب "العلو" وقال: ثم إن ابن بطة سرد بأسانيده أقوال من قال: إنه علمه، وهم


(١) سورة المجادلة الآية ٧
(٢) سورة المجادلة الآية ٧
(٣) سورة الحديد الآية ٤
(٤) سورة الأنعام الآية ٣
(٥) سورة الزخرف الآية ٨٤
(٦) سورة المجادلة الآية ٧
(٧) سورة العنكبوت الآية ٦٢