للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} (١) وقول النبي صلى الله عليه وسلم للجارية: «أين الله؟ قالت: في السماء. قال: أعتقها فإنها مؤمنة (٢)»، وقوله: «ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك،» وقوله لحصين بن عبيد والد عمران بن حصين: «كم إلها تعبد؟ قال: سبعة. ستة في الأرض وواحد في السماء، قال: من لرغبتك ورهبتك؟ قال: الذي في السماء. قال: فاترك الستة واعبد الذي في السماء، وأنا أعلمك دعوتين» الحديث، وذكر أيضا حديث الأوعال، وفي آخره: وفوق ذلك العرش، والله سبحانه فوق ذلك، ثم قال: فهذا وما أشبهه مما أجمع السلف - رحمهم الله - على نقله وقبوله، ولم يتعرضوا لرده، ولا تأويله، ولا تشبيهه، ولا تمثيله. انتهى.

وقال الموفق أيضا في كتاب "إثبات صفة العلو": أما بعد، فإن الله تعالى وصف نفسه بالعلو في السماء، ووصفه بذلك رسوله خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام، وأجمع على ذلك جميع العلماء من الصحابة الأتقياء، والأئمة من الفقهاء، وتواترت الأخبار في ذلك على وجه حصل به اليقين، وجمع الله - عز وجل - عليه قلوب المسلمين، وجعله مغروزا في طبائع الخلق أجمعين، فتراهم عند نزول الكرب يلحظون السماء بأعينهم، ويرفعون عندها للدعاء أيديهم، وينتظرون مجيء الفرج من ربهم سبحانه، وينطقون بذلك بألسنتهم.

لا ينكر ذلك إلا مبتدع غال في بدعته، أو مفتون بتقليده واتباعه على ضلالته. انتهى، وقد نقله ابن القيم في كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية"، وفيه أبلغ رد على من زعم أن معية الله لخلقه معية ذاتية.


(١) سورة الملك الآية ١٦
(٢) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٥٣٧)، سنن النسائي السهو (١٢١٨)، سنن أبو داود الصلاة (٩٣٠)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٤٤٧)، سنن الدارمي الصلاة (١٥٠٢).