وأم سلمة رضي الله عنهم، ومن التابعين: ربيعة وسليمان التيمي ومقاتل بن حيان، وبه قال مالك والثوري وأحمد. انتهى، وقد نقله الذهبي في كتاب "العلو"، ونقل ابن القيم بعضه في كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية".
وقال الحافظ الحجة أبو نصر عبيد الله بن سعيد الوائلي السجزي في كتاب "الإنابة" الذي ألفه في السنة: أئمتنا كسفيان الثوري، ومالك، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، والفضيل، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق، متفقون على أن الله سبحانه فوق العرش بذاته، وأن علمه بكل مكان. انتهى.
وقد نقله شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية في "القاعدة المراكشية" ثم قال: وكذلك ذكر شيخ الإسلام الأنصاري، وأبو العباس الطرقي (١) والشيخ عبد القادر الجيلي، ومن لا يحصي عدده إلا الله من أئمة الإسلام وشيوخه. انتهى.
وقال الذهبي في كتاب "العلو" بعد ما نقل كلام السجزي: هذا الذي نقله عنهم مشهور محفوظ سوى كلمة "بذاته" فإنها من كيسه، نسبها إليهم بالمعنى؛ ليفرق بين العرش وبين ماعداه من الأمكنة. انتهى.
قلت: قد تقدم ما حكاه أبو عمرو الطلمنكي من الإجماع على أن الله - تبارك وتعالى - فوق السماوات بذاته، مستو على عرشه كيف شاء. وقد نقله شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في "شرح حديث النزول "، وأقره على ذكر الذات. ونقله الذهبي في كتاب "العلو" قبل كلام السجزي بصحفتين، وأقره على ذكر الذات، فلا وجه إذا لاعتراضه على السجزي.
وقد ذكر هذه الكلمة عدد كثير من كبار العلماء، كما ذكر ذلك الذهبي في كتاب "العلو" بعد ذكره لكلام ابن أبي زيد المالكي، وسيأتي ذكر ذلك إن شاء الله تعالى.
وذكر شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية عن علماء المالكية أنهم حكوا إجماع أهل السنة والجماعة على أن الله بذاته فوق عرشه، وفي هذا مع ما تقدم رد على اعتراض الذهبي على السجزي، وقد بين الذهبي مراد العلماء من ذكر هذه الكلمة، وهو التفريق بين كونه تعالى على العرش، وكونه معنا بالعلم، وعلى هذا فليس ذكر الذات من فضول الكلام، كما سيأتي في كلام الذهبي، الذي تعقب به كلام ابن أبي زيد القيرواني، وإنما هو من الإيضاح والتفريق بين علو الله فوق العرش بذاته، وبين معيته بالعلم مع الخلق.
(١) الطرقي: بفتح الطاء، وسكون الراء المهملة، وبعدها قاف.