للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التي رواها أبو العباس الإصطخري عن الإمام أحمد في إثبات علو الله تعالى على العرش فوق السماء السابعة، وأنه بائن من خلقه، وأنه مع الخلق بعلمه، لا يخلو من علمه مكان. فليراجع كلامه فإنه مهم جدا.

وتقدم أيضا عن عبد الله بن المبارك أنه قيل له: بماذا نعرف ربنا؟ قال: بأنه فوق سماواته على عرشه، بائن من خلقه، ولا نقول كما تقول الجهمية: إنه هاهنا في الأرض. قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية: وهكذا قال الإمام أحمد وغيره. وقال الذهبي: قيل: هذا لأحمد بن حنبل. فقال: هكذا هو عندنا.

وروى القاضي أبو الحسين في "طبقات الحنابلة " عن يوسف بن موسى القطان قال: قيل لأبي عبد الله: والله تعالى فوق السماء السابعة على عرشه، بائن من خلقه، وقدرته وعلمه بكل مكان؟ قال: نعم على عرشه، ولا يخلو شيء من علمه. وذكر الذهبي في كتاب "العلو" عن أبي طالب أحمد بن حميد قال: سألت أحمد بن حنبل عن رجل قال: الله معنا، وتلا: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} (١) فقال: قد تجهم هذا؛ يأخذون بآخر الآية ويدعون أولها. هلا قرأت عليه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ} (٢) فعلمه معهم، وقال في سورة (ق): {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} (٣)، فعلمه معهم. قلت: ما زعمه القائل بأن معية الله لخلقه معية ذاتية مطابق لقول الرجل الذي قال فيه الإمام أحمد: أنه قد تجهم.

وقال المروذي: قلت لأبي عبد الله: إن رجلا قال: أقول كما قال الله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} (٤) أقول هذا ولا أجاوزه إلى غيره. فقال أبو عبد الله: هذا كلام الجهمية. بل علمه معهم، فأول الآية يدل على أنه علمه. رواه ابن بطة في كتاب (الإبانة) عن عمر بن محمد بن رجاء عن محمد بن رجاء عن محمد بن داود عن المروذي.

قلت: ليتأمل المبتلى بمخالفة أهل السنة والجماعة كلام الإمام أحمد حق التأمل؛ حتى يعرف من كان يقول بالمعية الذاتية من أهل البدع والضلال، وأنهم شر أهل البدع.

وقال حنبل بن إسحاق في كتاب (السنة): قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: ما معنى قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (٥) و {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} (٦) إلى قوله: {إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} (٧)؟ قال: علمه. عالم الغيب والشهادة، محيط بكل


(١) سورة المجادلة الآية ٧
(٢) سورة المجادلة الآية ٧
(٣) سورة ق الآية ١٦
(٤) سورة المجادلة الآية ٧
(٥) سورة الحديد الآية ٤
(٦) سورة المجادلة الآية ٧
(٧) سورة المجادلة الآية ٧