للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقوالهم ويرى أفعالهم ويدبر شئونهم، فيحيي ويميت ويغني ويفقر ويؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء إلى غير ذلك مما تقتضيه ربوبيته وكمال سلطانه، لا يحجبه عن خلقه شيء، ومن كان هذا شأنه فهو مع خلقه حقيقة ولو كان فوقهم على عرشه حقيقة (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية (٢) في الكلام على المعية قال: وهذا الكلام الذي ذكره الله سبحانه من أنه فوق العرش وأنه معنا حق على حقيقته لا يحتاج إلى تحريف ولكن يصان عن الظنون الكاذبة ا. هـ.

وقال في الفتوى الحموية (٣): وجماع الأمر في ذلك أن الكتاب والسنة يحصل منهما كمال الهدى والنور لمن تدبر كتاب الله وسنة نبيه وقصد اتباع الحق وأعرض عن تحريف الكلام عن مواضعه والإلحاد في أسماء الله وآياته.

ولا يحسب الحاسب أن شيئا من ذلك يناقض بعضه بعضا ألبتة مثل أن يقول القائل: ما في الكتاب والسنة من أن الله فوق العرش يخالفه الظاهر من قوله: هو معكم. وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه (٤)». ونحو ذلك فإن هذا غلط.

وذلك أن الله معنا حقيقة وهو فوق العرش حقيقة كما جمع الله بينهما في قوله سبحانه وتعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (٥). .


(١) وقد سبق أن المعية في اللغة العربية لا تستلزم الاختلاط أو المصاحبة في المكان.
(٢) ص ١٤٢ جـ ٢ من مجموع الفتاوى لابن القاسم.
(٣) ص ١٠٢، ١٠٣ جـ ٥ من مجموع الفتاوى لابن قاسم.
(٤) رواه أبو داود بهذا المعنى
(٥) سورة الحديد الآية ٤