الشريعة واستخفوا بها ومرقوا عن حقيقة الإسلام والتقيد به، فسموا الأذكار التي جاءت بها نصوص الشريعة أذكار العوام مثل:(لا إله إلا الله وحده لا شريك له) إلخ. الذي قال فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام: «أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير (١)».
هذا الذكر العظيم والتوحيد الخالص يعد عند المتصوفة من أذكار العوام.
أما الخاصة، وخاصة الخاصة من كبار الزنادقة الذين سبق أن تحدثنا عنهم مثل ابن عربي وابن سبعين فلا يتنازلون لمثل هذا الذكر وهذه الصيغة، أما ذكر الخاصة - في زعمهم - فهو تكرار لفظ الجلالة مفردا (الله)، (الله)، وأما ذكر خاصة الخاصة فهو ضمير الغيبة هو، هو وربما اقتصر بعضهم على الآهات (آه، آه) بكيفية خاصة بأن يتمايل الذاكر - العابث - يمنة ويسرة، وأما العامي منهم عندما يذكر الله بالتهليل مثلا يكون على هيئة معينة كأن يتمايل يمينا ويسارا يبدأ بـ (لا) يمينا، ويرجع بـ (إله)، فيتوسط، ثم يختم بـ (إلا الله) على اليسار، يبدأ التمايل في هدوء بعد الاستئذان من الشيخ أولا ويستمد منه المدد قائلا (دستور) يا أستاذ، مددك يا سيدي، ثم يستأذن سلسلة الطريقة التي ينتسب إليها من قادرية أو تيجانية أو رفاعية أو مرغنية فيقول: دستور يا أصحاب الطريق والقدم.
وبعد أن يجأر بأسمائهم هكذا معتقدا أنهم يسمعونه ويأذنون له بقلوبهم، وبعد أن يتلطخ هكذا بهذه الوثنية ليتقبل ذكره يبدأ في الذكر.
ومما ينبغي أن يعلمه طالب العلم من هذه الجاهلية الصوفية أن ذكر الله لا ينفع به الذاكر ولا يقبل منه ولا يقرب إلى الله في دين الصوفية إلا بإذن من شيخ الطريقة، وللشيخ أن يحرم على دراويش طريقته أن يذكروا بالذكر الذي تذكر به الطريقة الأخرى وترقص به، وعلى الدرويش أو المريد الصغير أن يلتزم ذلك التحريم ولا يعصي الشيخ أدنى عصيان وإلا فهو مهدد بسوء الخاتمة، بل عليه أن يعتقد أن الشيخ جاسوس قلبه، فعليه أن يراقب خطرات قلبه بدقة، ومن الأمثال السائرة عند الصوفية (إن حضرت عند نحوي احفظ لسانك، وإن حضرت عند العارفين احفظ قلبك).