للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نقلوا بعض الوثنيين الذين كانوا يعبدون الأوثان من الأشجار والأحجار ويتبركون بها، نقلوهم من عبادة تلك الأوثان إلى عبادة مشايخهم الأحياء منهم والأموات، ومعنى ذلك أنهم نافسوا الأوثان وهي من الجمادات وغلبوها وحولوا العبادة لمشايخهم فصار الوثنيون - فهم لا يزالون وثنيين قطعا - يعبدونهم ويقدسونهم ويقدمون لهم النذور ويذبحون لهم الذبائح، فهل يقال لأمثال هؤلاء: إنهم دخلوا في الإسلام؟! الجواب: (لا) قطعا وإنما الصواب أن يقال: إنهم تطوروا في وثنيتهم حيث أصبحوا يمرون على تلك الأشجار التي كانوا يعبدونها فلا يلتفتون إليها، بل إنهم استطاعوا أن يقطعوا لهم منها الحطب وأخشابا لتسقيف بيوتهم مثلا، وقد كان يعد من ضرب المستحيلات سابقا، وبسبب تطوير مشايخ الصوفية وثنيتهم استطاعوا أن يدركوا أن تلك الأشجار وهي من الجمادات لا تنفع ولا تضر فلا تستحق العبادة لأنها عاجزة لا تخلق ولا ترزق ولا تملك موتا ولا حياة ولا نشورا. ولكن الذي لم يفطنوا له بعد أن الأوثان الناطقة من مشايخ الصوفية وسماسرتهم هي الضر. ولو فطن عباد مشايخ الصوفية لهذه النقطة لما مكثوا عندهم في ذلك العذاب الشديد عذاب الذل والهوان والانقطاع عن الله رب العالمين، وقد حالت بينهم وبين عبادة الله التي خلقوا من أجلها وهم قطاع الطريق استولوا على عقول الناس واستعبدوهم ظلما وعدوانا.

هذا، وإذا كنا قد حكمنا على وثنية مشايخ الصوفية وجاهليتهم أنها أقبح من وثنية وجاهلية أبي جهل وقومه.

فمن الإنصاف أن نورد ما يدل على صحة ما قلنا من آيات الكتاب المبين حتى نتصور نوع شركهم، ليكون حكمنا صادقا وعادلا، والحكم الذي تدعمه أدلة الكتاب والسنة هو الحكم العادل الذي يجب الأخذ به، ولكي يدرك القارئ بالمقارنة المحق والمبطل، يقول الله تعالى لنبيه - وقد عانده قومه فأبوا إلا الإشراك بالله: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (١) {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ} (٢) {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (٣) {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} (٤) {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (٥) {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} (٦).


(١) سورة المؤمنون الآية ٨٤
(٢) سورة المؤمنون الآية ٨٥
(٣) سورة المؤمنون الآية ٨٦
(٤) سورة المؤمنون الآية ٨٧
(٥) سورة المؤمنون الآية ٨٨
(٦) سورة المؤمنون الآية ٨٩