للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هكذا نجد الجاهلية الأولى توحد الله رب العالمين في ربوبيته، ولكن القوم كانوا يتناقضون فيشركون في عبادته غير ملتزمين بما يلزمهم توحيدهم في ربوبيته وكيفية الالتزام، إذا كان الله قد تفرد بخلق السماوات والأرض وما فيهما وتفرد بتدبير خلقه وأرزاقهم وآجالهم، فيجب أن يفرد بالعبادة، هذا ما يقتضيه المنطق السليم ويدعو إليه العقل الصريح، ويوجب الشرع الحكيم {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لاَ يَخْلُقُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ} (١).

هكذا يتناقض الجاهليون الأولون يؤمنون ويشركون، وصدق الله العظيم حين يقول: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ} (٢).

وأما مشايخ الصوفية وأتباعهم فإنهم يشركون بالله في ربوبيته وعبوديته بل ويصرفون الناس عن عبادته تعالى، بل إنهم يصرفون الناس عن كل ما جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام من شريعة وعقيدة، ويزهدون فيه من أطاعهم حتى يخلصوا لهم في طاعتهم وخدمتهم دون مزاحم.

وكل من يدين بدين الصوفية فهو يشرك بالله في الربوبية والعبادة، عرف بذلك من عرف وجهل من جهل، ولا تقبل دعواهم بأنه يشهد ألا إله إلا الله، حيث إنهم يأتون بما يناقضه في كل وقت، بل كل لحظة، ولأن الإيمان بالله لا يقبل إلا الكفر بالطاغوت كما نص على ذلك القرآن الكريم: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (٣).

فليفطن القارئ أن الآية قدمت الكفر بالطاغوت على الإيمان بالله تعالى على ضوء كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) لأن التخلية قبل التحلية كما يقولون.

إذا كان هذا شرك المشركين الأولين، شرك في العبادة، وتوحيد في الربوبية، وشرك مشايخ الصوفية شرك في العبادة والربوبية ويدل على ذلك ما سمعناه من أقوال مشايخهم ودعايتهم وتصريحاتهم، يتبين من هذه المقارنة أن مشايخ الصوفية أشد كفرا وزندقة، وأبعد عن الطريق الموصل إلى الله، ألا وهو التمسك بدين الله الذي جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام شريعة


(١) سورة النحل الآية ١٧
(٢) سورة يوسف الآية ١٠٦
(٣) سورة البقرة الآية ٢٥٦