للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للحق أعوانا يدافعون عنه ويكتب لهم الغلبة والفوز مهما كان للباطل من صولة. . .

* كما أن من أعظم أسباب ظهور الإيمان والدين وبيان حقيقة أنباء المرسلين: ظهور المعارضين لهم من أهل الإفك المبين كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} (١) {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} (٢)

وذلك أن الحق إذا جحد وعورض بالشبهات أقام الله تعالى على يد من يشاء من عباده مما يحق به الحق ويبطل به الباطل من الآيات والبينات بما يظهره من أدلة الحق وبراهينه الواضحة وفساد ما عارضه من الحجج الداحضة.

فبالدعوة إلى الله يتبين الهدى من الضلال، والصدق من المحال، والغي من الرشاد، والصلاح من الفساد، والخطأ من السداد.

ذلك أن الدين الحق كلما نظر فيه الناظر، وناظر عنه المناظر ظهرت له البراهين وقوي به اليقين، وازداد به إيمان المؤمنين، وأشرق نوره في صدور العالمين.

(الباطل) إذا جادل عنه المجادل ورام أن يقيم عوده - المائل - أقام الله تبارك وتعالى من يقذف بالحق على الباطل فيدمغه، فإذا هو زاهق، ويبين أن صاحبه الأحمق (كاذب مائق)، وظهر فيه من القبح والفساد والتناقض ما يظهر به لعموم الرجال أن أهله من أهل الضلال، حتى يظهر به من الفساد ما لم يكن يعرفه أكثر العباد، وينتبه بذلك من كان غافلا من سنة الرقاد ممن لا يميز الغي من الرشاد.

وكان (الخاصة من الصحابة): (متكاتفين في نشر الدعوة وتبليغ الرسالة ممتثلين قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «بلغوا عني ولو آية (٣)». . . وقوله صلى الله عليه وسلم: «ليبلغ الشاهد منكم الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع (٤)».

قال (البغوي): والأمر عام في حق أهل زمانه وما جاء بعدهم، ولا وصول إلى من بعدهم إلا بالتبليغ). . اهـ.

فألقوا إلى من بعدهم ما تلقوه من مشكاة النبوة خالصا صافيا قائلين: هذا عهد نبينا إلينا وقد عهدنا إليكم، وهذه وصية ربنا وفرضه علينا وهي وصيته وفرضه عليكم).


(١) سورة الأنعام الآية ١١٢
(٢) سورة الأنعام الآية ١١٣
(٣) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (٣٤٦١)، سنن الترمذي العلم (٢٦٦٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٥٩)، سنن الدارمي المقدمة (٥٤٢).
(٤) صحيح البخاري العلم (١٠٥)، صحيح مسلم القسامة والمحاربين والقصاص والديات (١٦٧٩)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٧).