وطائفة بروستانتية. بل وصل العداء إلى حد التفرقة بين الطائفتين في المدارس والجامعات والوظائف. ومن ثم فقد انتقل الصراع الديني بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة البروستانتية من أوروبا إلى بعثات التبشير في أفريقيا، كما دخل التنافس السياسي بين فرنسا وبلجيكا وأسبانيا والبرتغال وإيطاليا من ناحية (وهي الدول التي تدين بالكاثوليكية)، وبين إنجلترا وألمانيا وهولندا من ناحية أخرى (وهي الدول التي يدين أغلب سكانها بالبروستانتية)، حتى البروستانتية ذاتها انقسمت فيما بينها إلى عدة طوائف وشيع، لكل ممها كنيسة مستقلة وأتباع. وحتى عام ١٩٥١ كان يوجد في عبدان ثماني كنائس مختلفة المذاهب ممثلين لاثنتي عشرة طائفة منفصلة عنها (١). ولعل هذا الانقسام في الكنائس والطوائف المسيحية - كما يقول باريندر barridner قد يبدو أمرا عاديا وطبيعيا للأوروبي، لكن بالنسبة للرجل الأفريقي قد يبدو غريبا وشاذا. وكثير من المسيحيين الأفريقيين لم يفهموا الفرق بين هذه المذاهب، وتنقل بعضهم من مذهب إلى مذهب، بل في جنوب السودان حتى أيامنا هذه نجد المسيحيين يذهبون إلى الكنيسة يوم الأحد، وفي يوم الجمعة يتوجهون تلقائيا إلى المسجد، رغم التعليمات الصارمة التي توجهها لهم البعثات التبشيرية. وكثير من أبناء جنوب السودان ممن التقيت بهم خلال رحلاتي لبلادهم أقرب إلى الإسلام منه للمسيحية، لكن لأسباب خاصة خارجة عن الإيمان يعلنون أنهم مسيحيون.
(١) ١٠ - Geoffrey Parrinder، Religion in an African City، ondon، ١٩٥٣.