للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يرضى مسلم صحيح العقيدة سليم الإيمان بربه أن يتصف بكفار بني إسرائيل في عدم إنكار المنكر والتساهل به وعدم التحذير منه، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه (١)».

أما ما يتعلق بالاحتفال بالمولد النبوي فقد قامت الأدلة الشرعية على أنه لا يجوز الاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا غيره؛ لأن ذاك من البدع المحدثة، لكون رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعله ولا أحد من خلفائه الراشدين أو أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين. ولم يفعله أيضا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة، وهم أعلم الناس بالسنة وأكمل حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأحرص على متابعة شرعه ممن بعدهم، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (٢)». أي مردود عليه. وقال في حديث آخر: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (٣)».

ففي هذين الحديثين تحذير شديد من إحداث البدع والعمل بها، وقد قال سبحانه في كتابه المبين: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٤) وقال عز وجل: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٥)، وقال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (٦). وذم سبحانه من شرع في دين الله ما لم يأذن به فقال: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (٧).


(١) رواه ابن ماجه في الفتن بهذا المعنى.
(٢) رواه البخاري في كتاب الصلح (٥) ومسلم في كتاب الأقضية (١٧).
(٣) رواه الترمذي في العلم وابن ماجه في المقدمة وأبو داود في السنة.
(٤) سورة الحشر الآية ٧
(٥) سورة النور الآية ٦٣
(٦) سورة التوبة الآية ١٠٠
(٧) سورة الشورى الآية ٢١