للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قالوا: جوزنا للحائض خوف النسيان، قلنا يحصل المقصود بتفكرها بقلبها" (١).

ب- وقال الشيرازي:

"ويحرم قراءة القرآن لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن (٢)».

جـ- وقال النووي:

"فرع: هذا الحديث رواه الترمذي والبيهقي من رواية ابن عمر رضي الله عنهما، وضعفه الترمذي والبيهقي، وروى: "لا يقرأ" بكسر الهمزة على النهي وبضمها على الخبر الذي يراد به النهي، وقد سبق بيانه في آخر باب ما يوجب الغسل، وهذا الذي ذكره من تحريم قراءة القرآن على الحائض هو الصحيح المشهور، وبه قطع العراقيون وجماعة من الخراسانيين، وحكى الخراسانيون قولا قديما للشافعي: أنه يجوز لها قراءة القرآن، وأصل هذا القول أن أبا ثور رحمه الله قال: قال أبو عبد الله: يجوز للحائض قراءة القرآن. فاختلفوا في أبي عبد الله، فقال بعض الأصحاب: أراد به مالكا وليس للشافعي قول بالجواز، واختاره إمام الحرمين والغزالي في البسط، وقال جمهور الخراسانيين: أراد به الشافعي وجعلوه قولا قديما.

قال الشيخ أبو محمد: وجدت أبا ثور جمعهما في موضع فقال: قال أبو عبد الله ومالك، واحتج من أثبت قولا بالجواز اختلفوا في علته على وجهين، أحدهما: أنها تخاف النسيان لطول الزمان بخلاف الجنب. والثاني: أنها قد تكون معلمة فيؤدي إلى انقطاع حرفتها، فإن قلنا بالأول جاز لها قراءة ما شاءت؛ إذ ليس لما يخاف نسيانه ضابط، فعلى هذا هي كالطاهر في القراءة، وإن قلنا بالثاني لم يحل إلا ما يتعلق بحاجة التعليم في زمان الحيض، هكذا ذكر الوجهين وتفريعهما إمام الحرمين وآخرون.

هذا حكم قراءتها باللسان، فأما إجراء القراءة على القلب من غير تحريك اللسان والنظر في المصحف وإمرار ما فيه في القلب فجائز بلا خلاف، وأجمع العلماء على جواز التسبيح والتهليل وسائر الأذكار غير القرآن للحائض والنفساء، وقد


(١) المجموع ٢/ ١٧١ - ١٧٣.
(٢) سنن الدارمي الطهارة (٩٩٨).