للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقدم إيضاح هذا مع جمل من الفروع المتعلقة به في باب ما يوجب الغسل والله أعلم.

فرع: في مذهب العلماء في قراءة الحائض القرآن. قد ذكرنا أن مذهبنا المشهور تحريمها، وهو مروي عن عمرو وعلي وجابر رضي الله عنهم، وبه قال الحسن البصري وقتادة وعطاء وأبو العالية والنخعي وسعيد بن جبير والزهري وإسحاق وأبو ثور، وعن مالك وأبي حنيفة وأحمد روايتان إحداهما التحريم، والثانية: الجواز، وبه قال داود.

واحتج لمن جوز بما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقرأ القرآن وهي حائض؛ ولأن زمنه يطول فيخاف نسيانها، واحتج أصحابنا والجمهور بحديث ابن عمر المذكور لكنه ضعيف، وبالقياس على الجنب، فإن من خالف فيها وافق على الجنب إلا داود، والمختار عند الأصوليين أن داود لا يعتد به في الإجماع والخلاف. وفعل عائشة رضي الله عنها لا حجة فيه على تقدير صحته؛ لأن غيرها من الصحابة خالفها، وإذا اختلفت الصحابة رضي الله عنهم رجعنا إلى القياس، وأما خوف النسيان فنادر، فإن مدة الحيض غالبا ستة أيام أو سبعة، ولا ينسى غالبا في هذا القدر، ولأن خوف النسيان ينتفي بإمرار القرآن على القلب والله أعلم" (١).

د- وقال الخرقي: "ولا يقرأ القرآن جنب ولا حائض ولا نفساء".

هـ- وقال ابن قدامة:

رويت الكراهة لذلك عن عمر وعلي والحسن والنخعي والزهري وقتادة والشافعي وأصحاب الرأي، وقال الأوزاعي: لا يقرأ إلا آية الركوب والنزول {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا} (٢). {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا} (٣) وقال ابن عباس: يقرأ ورده، وقال سعيد بن المسيب: يقرأ القرآن، أليس هو في جوفه؟ وحكى عن مالك للحائض القراءة دون الجنب؛ لأن أيامها تطول، فإن منعناها من القراءة نسيت.


(١) المجموع شرح المهذب ٢/ ٣٧١.
(٢) سورة الزخرف الآية ١٣
(٣) سورة المؤمنون الآية ٢٩