للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولنا ما روي عن علي رضي الله عنه «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يحجبه - أو قال: يحجزه - عن قراءة القرآن شيء ليس الجنابة (١)» رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وعن ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن (٢)» رواه أبو داود والترمذي وقال: يرويه إسماعيل بن عياش عن نافع، وقد ضعف البخاري روايته عن أهل الحجاز وقال: إنما روايته عن أهل الشام، وإذا ثبت هذا في الجنب ففي الحائض أولى؛ لأن حدثها آكد؛ ولذلك حرم الوطء ومنع الصيام وأسقط الصلاة وساواها في سائر أحكامها.

(فصل) ويحرم عليهم قراءة آية، فأما إن كان بعض آية فإن كان مما لا يتميز به القرآن عن غيره كالتسمية والحمد لله وسائر الذكر فإن لم يقصد به القرآن فلا بأس به، فإنه لا خلاف في أن لهم ذكر الله تعالى، ويحتاجون إلى التسمية عند اغتسالهم، ولا يمكنهم التحرز من هذا. وإن قصدوا به القراءة أو كان ما قرءوه شيئا يتميز به القرآن عن غيره من الكلام ففيه روايتان، إحداهما: لا يجوز، وروي عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن الجنب يقرأ القرآن، فقال: لا، ولا حرفا، وهذا مذهب الشافعي؛ لعموم الخبر في النهي ولأنه قرآن، فمنع من قراءته كالآية. والثانية: لا يمنع منه، وهو قول أبي حنيفة؛ لأنه لا يحصل به الإعجاز ولا يجزئ في الخطبة، ويجوز إذا لم يقصد به القرآن وكذلك إذا قصد (٣).

و"وأما قراءة الجنب والحائض للقرآن فللعلماء فيه ثلاثة أقوال:

قيل: يجوز لهذا ولهذا، وهو مذهب أبي حنيفة والمشهور من مذهب الشافعي وأحمد.

وقيل: لا يجوز للجنب، ويجوز للحائض. إما مطلقا، أو إذا خافت النسيان. وهو مذهب مالك وقول في مذهب أحمد وغيره؛ فإن قراءة الحائض القرآن لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه شيء غير الحديث المروي عن إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر «لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئا (٤)» رواه أبو داود وغيره، وهو حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث.


(١) سنن الترمذي الطهارة (١٤٦)، سنن النسائي الطهارة (٢٦٥)، سنن أبو داود الطهارة (٢٢٩)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٥٩٤)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٨٤).
(٢) سنن الترمذي الطهارة (١٣١)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٥٩٦).
(٣) مختصر الخرقي ومعه المغني ١/ ١٣٥ - ١٣٦.
(٤) سنن الترمذي الطهارة (١٣١)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٥٩٦).