للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قوله: وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم فيكسر الصليب ويقتل الخنزير (١)» ويضع الحرب ". فجوابه أن يقال: إن الكاتب قد صحف في لفظ الحديث حيث قال فيه ويضع الحرب. والذي في الحديث: «ويضع الجزية (٢)»، ومن تعمد التصحيف في أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو داخل في عداد الكاذبين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار (٣)»، ولعل الكاتب لم يتعمد التصحيف وإنما وقع منه سهوا أو وجده في بعض الكتب التي لم تصحح من الأخطاء المطبعية.

وأما قوله: وبعد فإن هذه المرويات من الأحاديث والأخبار في شأن رجعة المسيح عليه السلام أو في شأن ظهور الدجال أو المهدي لا متعلق لها بالعقيدة سواء أصحت أم لم تصح، وأن العقيدة الإسلامية قائمة على الإيمان بالله وملائكته ورسله وكتبه واليوم الآخر والحساب والجزاء والجنة والنار.

فجوابه من وجهين: أحدهما أن يقال: كل ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فالإيمان به متعلق بالعقيدة؛ لأنه لا يتم الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم إلا بالإيمان بأخباره، ومن لم يؤمن بأخباره فهو فاسد العقيدة، وقد تقدم حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه أن عصمة الدم والمال إنما تكون لمن آمن بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.

الوجه الثاني أن يقال: إن أهل السنة والجماعة قد تلقوا عن النبي صلى الله عليه وسلم في ظهور المهدي وخروج الدجال ونزول عيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام بالقبول، ودونوا ذلك في كتب الصحاح والسنن والمسانيد، وذكروا مضمونه في كتب العقائد، قال إمام أهل السنة أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى في عقيدة أهل السنة والجماعة التي رواها عنه عبدوس بن مالك العطار: والإيمان أن المسيح الدجال خارج مكتوب بين عينيه كافر، والأحاديث التي جاءت فيه، والإيمان بأن ذلك كله كائن، وأن عيسى ابن مريم ينزل فيقتله بباب لد. انتهى.

وقال أبو محمد البربهاري - رحمه الله تعالى - في شرح السنة: والإيمان بنزول عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم، ينزل فيقتل الدجال، ويتزوج، ويصلي خلف القائم من آل محمد صلى الله عليه وسلم، ويموت


(١) صحيح البخاري البيوع (٢٢٢٢)، صحيح مسلم الإيمان (١٥٥)، سنن الترمذي الفتن (٢٢٣٣)، سنن أبو داود الملاحم (٤٣٢٤)، سنن ابن ماجه الفتن (٤٠٧٨)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٧٢).
(٢) صحيح البخاري البيوع (٢٢٢٢)، صحيح مسلم الإيمان (١٥٥)، سنن الترمذي الفتن (٢٢٣٣)، سنن أبو داود الملاحم (٤٣٢٤)، سنن ابن ماجه الفتن (٤٠٧٨)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٧٢).
(٣) صحيح البخاري الجنائز (١٢٩١)، صحيح مسلم مقدمة (٤).