للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قوله في أحد العناوين: لو كان من أصول الإيمان الاعتقاد برجعة المسيح أو ظهور الدجال أو المهدي لجاء ذلك في القرآن صريحا محكما.

فجوابه أن يقال: كل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخبر بوقوعه فالإيمان به واجب، وذلك من تحقيق الشهادة بأن محمدا رسول الله، وتحقيقها من أصول الإيمان، ولا يكون المرء مؤمنا معصوم الدم والمال حتى يحقق الشهادة بالرسالة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله (١)». رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخبر بظهور المهدي في آخر الزمان وبخروج الدجال ونزول عيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام، فوجب الإيمان بذلك تصديقا لقول الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (٢) {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (٣)، وعملا بقوله تعالى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} (٤)، وبما جاء في آيات كثيرة عن الأمر بالإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم، والإيمان به لا يتم إلا بامتثال أمره واجتناب نهيه وتصديق أخباره والتمسك بسنته، وعملا أيضا بما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي تقدم ذكره.

وأما قوله: ثم كيف يملأ المسيح الدنيا عدلا بعد أن ملئت جورا؟ وهل هذا من سنة الله تعالى في الحياة الإنسانية؟ وكيف يفيض المال عند رجعة المسيح فلا يقبله أحد؟

فجوابه أن يقال: من علم أن الله على كل شيء قدير وأنه ما شاء كان، وعلم أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا الحق ولا يخبر إلا بالصدق لم يشك في شيء مما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فيجب على المسلم أن يؤمن بكل ما جاء عن الله تعالى وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يعترض على أخبار الصادق المصدوق بكيف ولم، وغير ذلك من أنواع الاستفهام الذي يدل على الشك فيما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم الإيمان به، وقد قال الله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (٥).


(١) صحيح البخاري الإيمان (٢٥)، صحيح مسلم الإيمان (٢٢).
(٢) سورة النجم الآية ٣
(٣) سورة النجم الآية ٤
(٤) سورة الحشر الآية ٧
(٥) سورة النساء الآية ٦٥