للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والباقي غالبه من الحسان، فمن زعم أنها كلها مزيفة فلا شك أنه فاسد العقل والدين، وأما قول المتخرص: إن نزول المسيح لا يقره المنطق.

فجوابه أن يقال: أما المنطق المستقيم والعقل السليم الذي يدور مع الحق حيثما دار فإنه لا يتوقف عن قبول ما جاء في كتاب الله تعالى، وما تواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في نزول المسيح في آخر الزمان، وأما المنطق المنحرف والعقل الفاسد فإنه لا يتوقف عن رد الحق وعدم قبوله، ولا عبرة بالعقول الفاسدة ولا بأهلها، وأما قوله: وهو مستحيل لأن محمدا هو آخر الأنبياء بنص القرآن الكريم.

فجوابه أن يقال: إن عيسى عليه الصلاة والسلام إذا نزل في آخر الزمان لا يأتي بشرع جديد ولا يحكم بالإنجيل، إنما يحكم بكتاب الله تعالى وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ويكون واحدا من هذه الأمة، وقد روى الإمام أحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف بكم إذا نزل عيسى ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟ (١)» وفي رواية لمسلم: «كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم فأمكم منكم؟ (٢)» قال الوليد بن مسلم: فقلت لابن أبي ذئب: إن الأوزاعي حدثنا عن الزهري، عن نافع، عن أبي هريرة: «وإمامكم منكم (٣)» قال ابن أبي ذئب: تدري ما أمكم منكم؟ قلت: تخبرني. قال: فأمكم بكتاب ربكم تبارك وتعالى وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم وقال أبو ذر الهروي: حدثنا الجوزقي عن بعض المتقدمين قال: معنى وإمامكم منكم إنه يحكم بالقرآن لا بالإنجيل، وقال ابن التين: معنى قوله: وإمامكم منكم أن الشريعة المحمدية متصلة إلى يوم القيامة، وأن في كل قرن طائفة من أهل العلم. وروى الإمام أحمد بإسناد صحيح على شرط الشيخين، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «إن الدجال خارج (٤)» فذكر الحديث وفيه: «ثم يجيء عيسى ابن مريم عليهما السلام مصدقا بمحمد صلى الله عليه وسلم وعلى ملته، فيقتل الدجال، ثم إنما هو قيام الساعة (٥)» وقد رواه الطبراني، قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح. وروى الطبراني أيضا في الكبير والأوسط عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أهبط الله تعالى إلى الأرض منذ خلق آدم إلى أن تقوم الساعة فتنة أعظم من فتنة الدجال (٦)» فذكر الحديث وفيه: «ثم ينزل عيسى ابن مريم مصدقا بمحمد صلى الله عليه وسلم على ملته إماما مهديا وحكما عدلا، فيقتل الدجال (٧)» قال الهيثمي: رجاله ثقات، وفي بعضهم ضعف لا يضر. قلت: والحديث قبله يشهد له ويقويه.


(١) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (٣٤٤٩)، صحيح مسلم الإيمان (١٥٥).
(٢) صحيح مسلم الإيمان (١٥٥).
(٣) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (٣٤٤٩)، صحيح مسلم الإيمان (١٥٥).
(٤) مسند أحمد بن حنبل (٥/ ١٣).
(٥) مسند أحمد بن حنبل (٥/ ١٣).
(٦) سنن ابن ماجه الفتن (٤٠٧٧).
(٧) مسند أحمد بن حنبل (٥/ ١٣).