للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى "مسألة" " عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم " حي، رفعه الله تعالى إليه بروحه وبدنه، وقوله تعالى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} (١) أي قابضك، وكذلك ثبت أنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق، فيقتل الدجال، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، حكما عدلا مقسطا، ويراد بالتوفي الاستيفاء، ويراد به الموت، ويراد به النوم، ويدل على كل واحد القرينة التي معه ". انتهى

وقال القاضي عياض في شرح مسلم: " نزول عيسى عليه السلام وقتله الدجال حق وصحيح عند أهل السنة للأحاديث الصحيحة في ذلك، وليس في العقل ولا في الشرع ما يبطله، فوجب إثباته، وأنكر ذلك بعض المعتزلة والجهمية ومن وافقهم، وزعموا أن هذه الأحاديث مردودة بقوله تعالى: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (٢) وبقوله صلى الله عليه وسلم: «لا نبي بعدي (٣)»، وبإجماع المسلمين أنه لا نبي بعد نبينا صلى الله عليه وسلم، وأن شريعته مؤبدة إلى يوم القيامة لا تنسخ، وهذا استدلال فاسد؛ لأنه ليس المراد بنزول عيسى عليه السلام أنه ينزل نبيا بشرع ينسخ شرعنا، ولا في الأحاديث شيء من هذا، بل صحت الأحاديث أنه ينزل حكما مقسطا يحكم بشرعنا ويحيي من أمور شرعنا ما هجره الناس ". انتهى كلامه، وقد نقله النووي في شرح مسلم وأقره.

وقال المناوي في شرح الجامع الصغير: " أجمعوا على نزول عيسى عليه الصلاة والسلام نبيا لكنه بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم ".

وقال المناوي أيضا: " حكى المطامح إجماع الأمة على نزوله، ولم يخالف أحد من أهل الشريعة في ذلك وإنما أنكره الفلاسفة والملاحدة ". انتهى.

وقال السفاريني في شرح عقيدته: " نزول المسيح عيسى ابن مريم ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، ولم يخالف فيه أحد من أهل الشريعة، وإنما أنكر ذلك الفلاسفة والملاحدة ممن لا يعتد بخلافه، وقد انعقد الإجماع على أنه ينزل ويحكم بهذه الشريعة المحمدية ". انتهى.


(١) سورة آل عمران الآية ٥٥
(٢) سورة الأحزاب الآية ٤٠
(٣) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (٣٤٥٥)، صحيح مسلم الإمارة (١٨٤٢)، سنن ابن ماجه الجهاد (٢٨٧١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٩٧).