للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا ما ذكره علماء المسلمين في خروج الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام في آخر الزمان، وفيه أبلغ رد على قول الخطيب: إن المرويات من الأحاديث والأخبار في شأن رجعة المسيح أو في شأن ظهور الدجال لا متعلق لها بالعقيدة.

ومما ذكرته عن أهل العلم يتضح أن الخطيب قد خالف عقيدة أهل السنة والجماعة وإجماعهم على خروج الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام، ووافق أعداء الإسلام والمسلمين من الفلاسفة والملاحدة الذين أنكروا خروج الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام.

وأما قوله: ولو كان من أصول الإيمان الإيمان برجعة المسيح أو ظهور الدجال أو المهدي لجاء ذلك في القرآن الكريم صريحا محكما.

فجوابه أن يقال: كل ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من المغيبات مما كان فيما مضى وما سيكون في المستقبل فالإيمان به داخل في ضمن الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك من أعظم أصول الإيمان، وقد جاء الأمر بالإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم في آيات كثيرة من القرآن وكلها محكمات، والإيمان بأخبار الرسول صلى الله عليه وسلم داخل أيضا في ضمن قول الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} (١) وداخل أيضا في ضمن قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (٢)، وداخل أيضا في ضمن قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٣)، وهذه الآيات كلها محكمات وكلها تدل على أن تصديق أخبار النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم أصول الإيمان، وقد قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى في قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٤) قال: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك. ثم جعل يتلو هذه الآية: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (٥)


(١) سورة الحشر الآية ٧
(٢) سورة النساء الآية ٦٥
(٣) سورة النور الآية ٦٣
(٤) سورة النور الآية ٦٣
(٥) سورة النساء الآية ٦٥