للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة (١)»، وقد دل على ذلك قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢) كما دل قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (٣) على أن الأخوة في الدين لا تثبت إلا بأداء الفرائض مع التوحيد، فإن التوبة من الشرك لا تحصل إلا بالتوحيد، فلما قرر أبو بكر هذا للصحابة رجعوا إلى قوله ورأوه صوابا، فإذا علم أن عقوبة الدنيا لا ترتفع عمن أدى الشهادتين مطلقا، بل يعاقب بإخلاله بحق من حقوق الإسلام، فكذلك عقوبة الآخرة.

وقال أيضا: (٤): وقالت طائفة من العلماء المراد من هذه الأحاديث أن التلفظ بلا إله إلا الله سبب لدخول الجنة والنجاة من النار ومقتضى لذلك، ولكن المقتضى لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه وانتفاء موانعه، فقد يتخلف عنه مقتضاه لفوات شرط من شروطه أو لوجود مانع، وهذا قول الحسن ووهب بن منبه وهو الأظهر. ثم ذكر عن الحسن البصري أنه قال للفرزدق وهو يدفن امراته: ما أعددت لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة. قال الحسن: نعم العدة، لكن للا إله إلا الله شروط، فإياك وقذف المحصنات. وقيل للحسن: إن أناسا يقولون: من قال: لا إله إلا الله، دخل الجنة. فقال: من قال: لا إله إلا الله، فأدى حقها وفرضها دخل الجنة. وقال وهب بن منبه لمن سأله: أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة؟ قال: بلى ولكن ما من مفتاح إلا له أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك. .

وأظن أن في هذا القدر الذي نقلته من كلام أهل العلم كفاية في رد هذه الشبهة التي تعلق بها من ظن أن من قال: لا إله إلا الله، لا يكفر ولو فعل ما فعل من أنواع الشرك الأكبر التي تمارس اليوم عند الأضرحة وقبور الصالحين مما يناقض كلمة لا إله إلا الله تمام المناقضة ويضادها تمام المضادة، وهذه طريقة أهل الزيغ الذين


(١) رواه مسلم في الإيمان.
(٢) سورة التوبة الآية ٥
(٣) سورة التوبة الآية ١١
(٤) في ص ٩ - ١١ في رسالة كلمة الإخلاص.