للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلام: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} (١).

فالضالون عن سبيل الله سر ضلالهم نسيانهم يوم الجزاء، وهذا النسيان سر آفة الإنسان وضلاله، ولذا عندما يقف المجرمون ناكسي رءوسهم عند ربهم، وقد رأوا بأعينهم وسمعوا بآذانهم ما نسوه من حقائق ذكروا بها دنياهم فلم يتذكروا، عند ذاك يدعون إلى العذاب الذي عرفوا يومئذ سبب وقوعهم فيه، {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (٢).

وفي الآية الأخرى يقال لهؤلاء الذين نسوا ما لا ينبغي أن ينسى: لقد نسيتم يوم الجزاء فكان أعدل جزاء لكم تلقونه في هذا اليوم من إهمال وازدراء {وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} (٣).

(جـ) - نسيانهم لله

هذان النوعان السابقان من النسيان: نسيان الذنوب، أو نسيان يوم المصير، آفتهما أن أولهما يحمل معنى عدم الاستفادة من التجربة، وثانيهما يحمل معنى عدم الاعتداد بالدافع، أما هذا النوع الثالث وهو الذي يتعلق بالله فهو شر بذاته؛ لأنه يعني تقلص ظل الإيمان من نفوس البشر، إذ لا يمكن أبدا أن يصح إيمان أو يستقيم على أساسه سلوك ما لم يكن القلب مشغولا بذكر الله منصرفا إلى ما يهيئه له الذكر من مراقبة دقيقة لخالقه ومولاه.

وهذا النسيان قد يتعلق بأمر الله، وقد يكون تعلقه بذات الله، وهذا النسيان لذكر الله الذي يجب أن يكون سلاحا للمؤمن يشهره في وجه الشيطان إذا أراد أن يهوي مزالق الخسران.


(١) سورة ص الآية ٢٦
(٢) سورة السجدة الآية ١٤
(٣) سورة الجاثية الآية ٣٤