للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي غير هذه المواطن دعوات كثيرة للتذكر، مقرونة بوسيلة أو الباعث عليها، وقد قدمت للبشرية في ظروف مختلفة حتى تستمر على طريق الحق مسيرتها، يقول تعالى في تأنيب الغافلين الضالين غداة الحسرة عندما تتبين الحقائق وينكشف عن العين الغطاء: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} (١).

وهذه دعوة للمسلمين بعد النصر العظيم في بدر لأن يتذكروا ماضيهم الذي عاشوه مستضعفين، مبغيا عليهم، إذ أن هذه الذكرى تحفزهم على الشكر الذي يزيد النعم ويوثق العلاقة بخالقهم العظيم: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (٢).

وعلى لسان شعيب عليه السلام جاء النصح لقومه بأن يتذكروا: {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} (٣).

وعلى لسان هود وصالح عليهما السلام جاء نفس النصح لقوميهما عاد وثمود، يقول تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً} (٤)، {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ} (٥).

وفي شأن بني إسرائيل يقول تعالى: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (٦).

(٣) وبقدر ما كانت الدعوة إلى التذكر تحمل هذا القدر الكبير من التقدير والاهتمام؛ لما في التذكر من صحوة العقيدة، ويقظة الضمير، بقدر هذا كان التنديد عنيفا


(١) سورة فاطر الآية ٣٧
(٢) سورة الأنفال الآية ٢٦
(٣) سورة الأعراف الآية ٨٦
(٤) سورة الأعراف الآية ٦٩
(٥) سورة الأعراف الآية ٧٤
(٦) سورة الأعراف الآية ١٧١