للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما يريد الجهر به فصمم على أن يرحل في طلب العلم ليكون سلاحه في معركته القادمة.

رحلاته: قام الشيخ بعدة رحلات ما بين مكة والمدينة والبصرة وغيرهن من البلدان؛ ليتزود من العلم ويتسلح بالمعرفة لإقناع المعاندين المكابرين بالحجة والبرهان.

رحلته إلى مكة والمدينة:

وصل الشيخ إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج والتزود من العلم، فأخذ يتردد على العلماء ويباحثهم ويأخذ عنهم حتى استفاد منهم، وقد وجد بالمدينة عالمين جليلين كان لهما أكبر الأثر في حياته وهما الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف النجدي، والعالم الكبير محمد بن حياة السندي، وقد كانوا يشاهدون ما يفعله الناس عند الحجرة النبوية الشريفة من الدعاء والاستغاثة فقال الشيخ السندي للشيخ ابن عبد الوهاب: ما تقول في هؤلاء؟ قال: {إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (١) وأقام بالمدينة فترة ثم رجع إلى نجد.

رحلته إلى البصرة: رجع الشيخ إلى بلده وأقام بها ما يقرب من السنة، ثم عزم على الرحيل إلى البصرة، وفي البصرة سمع الحديث والفقه من جماعة من العلماء، وقرأ النحو وأتقنه وكتب كثيرا من اللغة والحديث، وكان يلازم هناك أحد علماء البصرة وهو الشيخ محمد المجموعي البصري وفي أثناء إقامته كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. كان يأمرهم تجنب البدع وترك الشرك ويحثهم على طريق الحق والاستقامة، ويعلن للناس أن الدعاء لله فمن صرف شيئا منه إلى سواه كفر، وكان يبين لهم أن محبة الأولياء والصالحين إنما هي باتباع طريقهم وليست باتخاذهم آلهة من دون الله.

وتكررت منه الدعوة فآذاه بعض أهل البصرة وأخرجوه منها وقت الهجيرة، فخرج منها ماشيا على قدميه فلما وصل منتصف الطريق بين البصرة والزبير اشتد العطش به حتى كاد يموت، فلحقه رجل مكاري يدعى " أبا حميدان " من أهل الزبير فرأى عليه الهيبة والوقار، فسقاه وحمله على حماره حتى وصل الزبير، فمكث بها أياما ثم أراد الذهاب إلى الشام ولكن نفقته قد ضاقت فعدل عن المسير إليها.


(١) سورة الأعراف الآية ١٣٩