للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صهرت الأمير هذه الأحداث فزادته متانة وصلابة، وأعد الجيوش لمحاربة أعداء الله وناشري الكفر والشرك والضلال حتى نصر الله دعوته ودانت البلاد كلها وفتحت الرياض وما حولها من البلاد، وكان يشارك الأمير في الجهاد ابنه عبد العزيز، وكان الشيخ يشاركهما في تنظيم الجيوش وبعث السرايا كما كان يشاركهما في المشورة بشئون الحكم وأحوال الدولة، ولما اتسعت رقعة الدولة بعد وفاة الإمام محمد بن سعود وتولية ابنه عبد العزيز مكانه عقد الشيخ الولاية بالعهد لسعود بن عبد العزيز، وصار سعود هو قائد الجيوش واكتفى الشيخ بالأعمال الدينية والإشراف عليها في جميع أنحاء الدولة، وقد توزعت المهام بذلك نظرا لكثرتها، وقد أصبحت الدرعية عاصمة للجزيرة العربية ومثابة وإشعاعا لجميع البلدان المجاورة وتوفر المال بها وأنعم الله على أهلها، وأفاء عليهم مما كسبوه من أعدائهم وصارت بها نهضة دينية وعلمية وتوافد العلماء عليها من كل حدب وصوب، وراجت سوق العلم بها وكثرت الندوات الدينية وحلقات الدروس في المساجد وعلاوة على ذلك فقد صار بها جيش منظم قوي كامل العدة والسلاح لمحاربة المرتدين وأهل البدع والشرك، ولقد نجحت الدعوة نجاحا كبيرا، ورأى الشيخ ومؤازروه من آل سعود ثمرة نجاحهم بفضل الله ثم بفضل جهادهم ومثابرتهم وصبرهم وصدق الله العظيم حيث يقول: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (١). وقوله تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (٢).


(١) سورة الروم الآية ٤٧
(٢) سورة الحج الآية ٤٠