ويخيل إلي أن مؤلف الكتاب لم يشأ أن يعلن عن اسمه الحقيقي، واختار الاسم المذكور، ذلك لأنه كتبه بعد أن انتهت تلك الفترة المشرقة من التاريخ باغتيال الإمام أحمد جران على يد البرتغاليين الذين استقدمهم ملوك الحبشة للوقوف في وجه انتصارات ذلك الإمام، ثم ما أعقب ذلك من عود الأمور إلى ما كانت عليه وبسط سلطان الصليبية الحبشية على البلاد، وما صاحب ذلك من إعمال السيف في كل من يتحدث عن تلك الفترة.
يقول سعادة السفير الصومالي الأستاذ عبد الله آدم: لم يمنع اختفاء هذا الكتاب من التداول - وهو اختفاء مثير للتساؤل - أن تظل محتوياته مسطورة في وجدان الشعب الصومالي وشعوب المنطقة كلها، وعندما اطلعت عليه شعرت بالهوة الواسعة بين ما نقل إلينا رواية عن الآباء، وبينما هو مسجل على صفحاته، وأن واقع الأحداث في هذه المنطقة في ذلك الوقت يختلف تماما عما يصوره المؤرخون غير المحايدين وبخاصة ما كتبه المستشرقون. فالحقائق التاريخية أن موجات الجهاد المتصلة لسلاطين المسلمين في هذه المنطقة إنما كانت بقصد الدفاع عن أرضهم وقيمهم الإسلامية وعقيدتهم التي كان يغار عليها في الفينة بعد الفينة، ولم يكن هناك مفر من مواصلة الجهاد. . وما جاء في هذا الكتاب يدحض كل زيف حاول بعض المستشرقين أن يجعل منه حقيقة، ولم يكن مؤرخو العرب منتبهين لها حتى يهبوا لدحضها وبيان زيفها، ومن هنا كان هذا الكتاب بمثابة وثيقة نادرة تهم التاريخ كعلم والمؤرخين كعلماء والتراث العربي الإسلامي كذخيرة ينعطف إليها المسلم كلما أراد أن يتصل بأمجاده.
ويقول المستشرق رينيه باسيه: إن فتوحات أحمد جران تعتبر آخر الفتوحات الإسلامية لبلاد الحبشة، وهي من أشهر أحداث الحبشة التاريخية التي وعتها ذاكرة الغرب فقد كادت هذه الفتوحات أن تسحق المسيحية وتودي ببلاد الأحباش إلى مثل ما كانت عليه البلاد النوبية في ذلك الوقت، وكان لتدخل البرتغاليين الأثر البالغ في لفت الأنظار إلى هذه الفتوحات - وإذا كانت هناك مصادر غربية وشرقية تؤرخ لهذه الفترة فإن كتاب عرب فقيه الجيزاني يأتي في المقام الأول ليس لكون مؤلفه