ويقول المؤلف: إن جيوش المسلمين اجتمعت في دير برهان، وقال لهم الإمام: الحمد لله فقد فتح علينا الحبشة كلها ولم يبق إلا التجري، وبقي مدر، والقوجام، أي ما بقي إلا هذه البلاد، فإما أن نسير إليها أو نجلس هنا، ما تشيرون بارك الله فيكم؟.
فاتفق الرأي على أن يطاردوا الملك حيثما كان، وفتح الإمام أرض التجري، ثم سار إلى بقي مدر في رمضان سنة ٩٤١ هـ وهزم في طريقه جيوش الحبشة وقتل البطارقة، ثم دخل بلاد سمنين وكانت للفلاشا يهود الحبشة، فخلصهم من ظلم البطارقة وفرض عليهم الجزية، وفتح بقي مدر، ونزل ببلاد الدنبية وسار إلى بلاد النوبة وأرض القجام.
وختم المؤلف هذا القدر من الكتاب بفتح الإمام لجزيرة قليلة المجاورة لأرض النوبة ومطاردة النصارى بها واستقباله لبعض الأشراف المسلمين من بلاد الدنبية وإصلاحه بينهم وإقطاعهم أرضا إلى أطراف النوبة، ويحمد الله على دين الإسلام الذي أظهره على الدين كله.
وبهذا يتم الجزء الأول من هذا الكتاب، أما الجزء الثاني فلا نعرف عنه شيئا ولكن يغلب على الظن أنه تناول فيه بقية أخبار الإمام أحمد بن إبراهيم إلى أن استعان الأحباش بالبرتغاليين للوقوف في وجه تلك الفتوح واغتيالهم للإمام أحمد، يقول صاحب الجواهر الحسان الشيخ أحمد الحنفي القنائي الأزهري: في سنة ٩٤٨ من الهجرة تقريبا: دخل جيش برتغالي إلى هذه البلاد بدعوى المحافظة على موازنتها ومنع مسلمي قبائل الجالا من مضايقة ملكها (ص ١٧) ولكنه لم يحدثنا بمثل حديث عرب فقيه، بل ولا حدثنا، أي مؤلف بمثل حديثه.
إن كل مسلم عربي أو غير عربي يشعر بأن صليبية الحبشة عادت سيرتها الأولى، ومن المحزن أننا نسمع عن تلك الغارات التي تضن بالطائرات على إخواننا المسلمين، ونسمع عن معاونة الدول الشيوعية لسفاحي الحبشة بالسلاح والعتاد بل وبالرجال، وإذا صدق ما يقال من أن بعض الدول الإسلامية تعين السفاحين بصورة ما من المعونات فتلك لعمري مصيبة المصائب وعار الدهر وخزي الأبد.