بعض قواده إلا كنيسة مكان الثلاثي أي الثلاث آلهة بلغتهم، فإنه قصدها بنفسه ودخلها ومعه خواصه، فلما رآها كادت تخطف الأبصار، فهي مزينة بصفائح الذهب والفضة وفيها فصوص من اللؤلؤ والمرجان وكان عرضها مائة ذراع، وطولها كذلك، وارتفاعها مائة وخمسين ذراعا، ولها مصراع من خشب، طوله عشرة أذرع وعرضه أربعة أذرع، وقد فرشوا فوقه صفائح الذهب والفضة، ومن فوق الذهب جعلوا فصوصا من كل لون وأسقفها وأصحانها ملبسة بصفائح الذهب وتصاوير من الذهب، فتعجبوا من شغلها، وصاح المسلمون الذين لم يدخلوا يقولون للإمام: افتح الباب حتى ندخلها ونتفرج عليها، ففتح لهم وأدخلهم وازدحم المسلمون، وقال لهم الإمام كل من أخذ شيئا فهو له إلا الصحاف، فاشتغلوا فيها بألف قدوم وهم يخلعون الذهب والفصوص التي في الكنيسة من العصر إلى وقت العشاء، وكل قد أخذ حاجته من الذهب واستغنوا غنى لا فقر معه، واحترق في الكنيسة أكثر من ثلثها من الذهب، وبات الإمام بجنب الكنيسة وطلب من كان معه من العرب فقال لهم: هل يكون في الروم أو في الهند أو في غيره مثل هذا البيت وتصاويره؟!.
وجلس الإمام وأصحابه في بيوت الملك ببيت أمحره، وانطلقت جيوش المسلمين تفتح وتغنم، ولم يصادفهم بأس إلا في موقعة العنبا التي يتربى فيها أولاد الملوك، فقد هزم جيش الجراد أحموشه وأسر وقتل أورعى عثمان وغيره من القادة، وكانت هذه الهزيمة يوم الأربعاء ١٤ من ربيع الآخر سنة ٩٣٨ هـ ولم تفت في عضد المسلمين بل ظلوا ينتصرون بعدها في أرض العنقوت، وجزيرة بحر حيق، وجيته، وعندورة، وأرم، ودير برهان، وكساية، وأرض الماية، والجنز، والجافات، وزميت.
ويحدثنا المؤلف عن أرض هدية التي دخلها السلطان ويقول: صاحبها رجل مسلم وكان يعطي الجزية للملك، ويعطي له في كل سنة بنتا من بنات المسلمين ينصرها، ويحكم عليهم منذ آبائهم الأقدمين ألا يلبس أحدهم عدة الحرب ولا يمسك سيفا ولا يركب فرسا بسرج ولكن على متن ظهره، ويخرب مساجد المسلمين ويرسلون له الفتاة على سرير بعد أن يغسلوها ويكفنوها بثوب أبيض ويصلون عليها صلاة الجنازة ويعتبرونها في عداد الأموات، فلامهم السلطان وقال لهم: لا خوف عليهم بعد الآن وانضموا إلى صفوفه.