للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مزدرع ومتجر، فنحن نصيب فضلا عما نحتاج إليه لنفقتنا فكتب إليه: " إني قد خبرت من عمال السوء ما كفى، وكتابك إلي كتاب من أقلقه الأخذ بالحق، وقد سؤت بك ظنا، وقد وجهت إليك محمد بن مسلمة ليقاسمك مالك، فأطلعه طلعه وأخرج إليه ما يطالبك، وأعفه من الغلظة عليك، فإنه برح الخفاء "، فقاسمه ماله.

وقال عمرو: " إن زمانا عاملنا فيه ابن حنتمة (١) هذه المعاملة لزمان سوء. لقد كان العاص يلبس الخز بكفاف الديباج فقال محمد بن مسلمة: " مه! لولا زمان ابن حنتمة، هذا الذي تكرهه، ألفيت معتقلا عنزا بفناء بيتك، يسرك غزرها، ويسوءك بكووها قال: " أنشدك الله أن تخبر عمر بقولي، فإن المجالس بالأمانات فقال: " لا أذكر شيئا مما جرى بيننا، وعمر حي " (٢).

لقد كان عمر إذا أحب أن يؤتى بالأمر كما يريد، بعث محمد بن مسلمة، وكان معدا لكشف الأمور المعضلة في البلاد (٣).

ويمكن أن نتصور مبلغ عفة محمد بن مسلمة ونزاهته وذكائه وقوة شخصيته وثقته بنفسه والتزامه المطلق بقول الحق وإقراره، بحيث إن عمر بن الخطاب، وهو من هو أمانة وحرصا على مصلحة المسلمين يعتمد عليه اعتمادا بلا حدود في قضايا الولاة ومحاسبة المنحرفين منهم محاسبة لا هوادة فيها، كما استعمله على صدقات بني جهينة، (٤) مما يدل على أنه كان مثاليا في عفته ونزاهته، متفوقا في ذكائه وقوة شخصيته، واثقا بنفسه أعظم الثقة، ملتزما بقول الحق أشد الالتزام، وتلك ثمرة من ثمرات إيمانه العميق بعقيدته وعمله بهذه العقيدة وإخلاصه في عمله.


(١) حنتمة: هي أم عمر بن الخطاب وهي حنتمة بنت هاشم بن المغيرة المخزومي.
(٢) البلاذري (٣٠٧ - ٣٠٨).
(٣) الإصابة (٦/ ٦٤).
(٤) الإصابة (٦/ ٦٣ - ٦٤) وأسد الغابة (٤/ ٣٣٠) والبداية والنهاية (٨/ ٢٧).