للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ} (١) ويقول عن بعض أهل الكتاب: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّه} (٢) ولا يعني باتخاذهم أربابا إلا طاعتهم طاعة عمياء والتسليم لهم في كل ما يأمرونهم به ويوجهونهم إليه، فكأنهم - في نظرهم - آلهة تأمر فتطاع، لأنها تصيب دائما ولا تخطئ.

وليس من شك في أن دينا هذا شأنه وذلك منهجه، يصلح لكل جيل وقبيل من لدن نزوله وإلى أن تقوم الساعة.

ثالثا:

أن الدين الإسلامي دين واسع الأفق، وفيه من المرونة واليسر ما يجعله صالحا لكل الجامعات الإنسانية على اختلاف ألوانها، وأجناسها وبيئتها، وظروفها " فهو يتسع للحرية الفكرية العاقلة، ولا يقف - فيما وراء عقائده الأصلية وأصول تشريعه - على لون واحد من التفكير، أو منهج واحد من التشريع، وهو بتلك الحرية يساير جميع أنواع الثقافات الصحية، والحضارات النافعة، التي يتفتق عنها العقل البشري في صلاح البشرية وتقدمها مهما ارتقى العقل ونمت الحياة " (٣).

وعلى الجملة فالإسلام - كما يقول أستاذنا الشيخ محمد أبو زهرة - " دين العقل، فما من أمر جاء به إلا كان موافقا للعقل يدركه ويصدقه. . سئل أعرابي: لماذا آمنت بمحمد؟ فقال: ما رأيت محمدا يقول في أمر: افعل، والعقل يقول: لا تفعل، وما رأيت محمدا يقول في أمر: لا تفعل، والعقل يقول: افعل. . . وإن النظم التي سنها الإسلام لا تزال برونقها وصفائها أعدل من كل ما اهتدى إليه العقل البشري من نظم، سواء أكان ذلك في نظام الحكم، أم في نظام المال، أم في نظام الأسرة. . . فالإسلام هو الدين الوحيد الذي يصلح لحكم الإنسانية، وفيه علاج أدوائها (٤) ".

ومما يشهد للدين الإسلامي بأنه دين عام للثقلين جميعا قوله تعالى مخاطبا نبيه محمدا -عليه الصلاة والسلام-: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (٥) وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (٦). وقوله على لسان نبيه: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغ} (٧).


(١) سورة البقرة الآية ١٧٠
(٢) سورة التوبة الآية ٣١
(٣) الإسلام عقيدة وشريعة ص ١١ مع تصرف يسير في عبارة الأصل.
(٤) المجتمع الإنساني في ظل الإسلام للأستاذ الشيخ محمد أبو زهرة.
(٥) سورة الأعراف الآية ١٥٨
(٦) سورة سبأ الآية ٢٨
(٧) سورة الأنعام الآية ١٩