للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكيع قال حدثنا أبي عن سفيان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: رجل عمل عليها ورجل اشتراها بماله. وفي سبيل الله، وابن السبيل، أو رجل كان له جار تصدق عليه فأهداها له (١)» اهـ.

* * *

وقال القرطبي: الثانية والعشرون قوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} (٢) هم الغزاة وموضع الرباط يعطون ما ينفقون في غزوهم كانوا أغنياء أو فقراء، وهذا قول أكثر العلماء، وهو تحصيل مذهب مالك رحمه الله (٣). اهـ.

* * *

وقال ابن العربي: (المسألة التاسعة عشر قوله: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} (٤) قال مالك: سبل الله كثيرة ولكني لا أعلم خلافا في أن المراد بسبيل الله هاهنا: الغزو، ومن جملة سبيل الله إلا ما يؤثر عن أحمد وإسحاق فإنهما قالا: إنه الحج، والذي يصح عندي من قولهما أن الحج من جملة السبل مع الغزو. لأنه طريق بر فأعطي منه باسم السبيل، وهذا يحل عقد الباب ويخرم قانون الشريعة وينثر سلك النظر. وما جاء قط بإعطاء الزكاة في الحج أثر. وقد قال علماؤنا: ويعطى منها الفقير بغير خلاف؛ لأنه قد سمي في أول الآية، ويعطى الغني عند مالك بوصف سبيل الله تعالى، كان غنيا في بلده أو في موضعه الذي يأخذ به لا يلتفت إلى غير ذلك من قوله الذي يؤثر عنه، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: غاز في سبيل الله (٥)».

وقال أبو حنيفة: لا يعطى الغازي إلا إذا كان فقيرا، وهذه زيادة على النص. وعنده أن الزيادة على النص نسخ، ولا نسخ في القرآن إلا بقرآن مثله أو بخبر متواتر، وقد بينا أنه فعل مثل هذا في الخمس في قوله {وَلِذِي الْقُرْبَى} (٦) فشرط في قرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفقر، وحينئذ يعطون من الخمس. هذا كله ضعيف حسبما بيناه.

وقال محمد بن عبد الحكم: يعطى من الصدقة في الكراع والسلاح وما يحتاج إليه من آلات الحرب وكف العدو عن الحوزة؛ لأنه كله في سبيل الغزو ومنفعته، وقد أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصدقة


(١) سنن أبو داود الزكاة (١٦٣٥)، سنن ابن ماجه الزكاة (١٨٤١)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٥٦)، موطأ مالك الزكاة (٦٠٤).
(٢) سورة التوبة الآية ٦٠
(٣) الجامع لأحكام القرآن جـ ٩ ص ١٨٥.
(٤) سورة التوبة الآية ٦٠
(٥) سنن أبو داود الزكاة (١٦٣٥)، سنن ابن ماجه الزكاة (١٨٤١)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٥٦)، موطأ مالك الزكاة (٦٠٤).
(٦) سورة الأنفال الآية ٤١