للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووجه الدلالة من الآية الكريمة: أن الله أمر باتباع دينه القويم الذي هو صراطه المستقيم، ونهى عن اتباع ما عداه من الملل والشبه والبدع؛ لأنها تنأى بالعبد عن الصراط السوي الذي ارتضاه سبحانه لعباده، فدل ذلك على تحريم هذه البدع؛ لأنها من السبل التي تودي بصاحبها إلى ما لا يرضاه سبحانه.

من هذه الآية يتضح أن الصراط المستقيم هو سبيل الله الذي دعا إليه. وهو السنة التي جاء بها رسوله صلى الله عليه وسلم. أما السبل فهي طرق أهل الاختلاف الحائدين عن الصراط القويم، وهم أهل البدع: يدل لهذا ما جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حيث قال: «خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما خطا فقال: هذا سبيل الله، ثم خط عن يمين ذلك الخط وعن شماله خطوطا فقال هذه سبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليها، ثم قرأ هذه الآية: (٢)» وهذا حديث صحيح كما قال ابن كثير في تفسيره (٣) وقال رجل لابن مسعود: ما الصراط المستقيم؟ قال: تركنا محمد صلى الله عليه وسلم في أدناه، وطرفه في الجنة، وعن يمينه جواد، وعن يساره جواد، وثم رجال يدعون من مر بهم، فمن أخذ في تلك الجواد انتهت به إلى النار، ومن أخذ على الصراط انتهى به إلى الجنة، ثم قرأ ابن مسعود: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} (٤) الآية.


(١) مسند أحمد بن حنبل (١/ ٤٣٥)، سنن الدارمي المقدمة (٢٠٢).
(٢) سورة الأنعام الآية ١٥٣ (١) {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}
(٣) ١٩٠/ ٢.
(٤) سورة الأنعام الآية ١٥٣