للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله هاهنا الغزو لحديث عطاء بن يسار الذي نحن في شرحه وهو حديث صريح مفسر لقوله: " في سبيل الله " في الآية، فيجب حمله عليه ولم أر عنه جوابا شافيا من أحد، وإليه ذهب ابن حزم إذ قال: وأما سبيل الله فهو الجهاد بحق، ثم ذكر حديث عطاء بن يسار عن أبي سعيد من طريق أبي داود (١) وهو الذي رجحه ابن قدامة حيث قال: وهذا أصح؛ لأن سبيل الله عند الإطلاق إنما ينصرف إلى الجهاد، فإن كل ما في القرآن من ذكر سبيل الله إنما أريد به الجهاد إلا اليسير فيجب أن يحمل ما في هذه الآية على ذلك؛ لأن الظاهر إرادته به انتهى. وهو الذي صححه الخازن في تفسيره حيث قال: والقول الأول هو الصحيح؛ لإجماع الجمهور عليه ورجحه أيضا العلامة القنوجي اليوناني في تفسيره إذ قال: والأول أولى لإجماع الجمهور عليه، وبه فسر الشوكاني في فتح القدير ورجحه، واختاره أيضا غيرهم من المفسرين. اهـ.

* * *

وقال أبو سليمان الخطابي في معرض تعليقه على حديث عطاء بن يسار: «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة (٢)» ما نصه: (٣).

قلت: فيه بيان أن للغازي - وإن كان غنيا - أن يأخذ الصدقة ويستعين بها في غزوه وهو من - سهم سبيل الله - وإليه ذهب مالك والشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه، وقال أصحاب الرأي: لا يجوز أن يعطى للغازي من الصدقة إلا أن يكون منقطعا به.

قلت: سهم السبيل غير سهم ابن السبيل وقد فرق الله بينهما بالتسمية وعطف أحدهما على الآخر بالواو الذي هو حرف الفرق بين المذكورين المنسوق أحدهما على الأخرى فقال: (٩: ٦ {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ} (٤) والمنقطع به هو ابن السبيل، فأما سهم السبيل فهو على عمومه، وظاهره في الكتاب وقد جاء في الحديث ما بينه ووكد أمره فلا وجه للذهاب عنه. اهـ.

* * *

قال ابن الأثير: (٥) وسبيل الله عام يقع على كل عمل خالص سلك به طريق التقرب إلى الله تعالى بأداء الفرائض والنوافل وأنواع التطوعات، وإذا أطلق فهو في الغالب واقع على الجهاد، حتى صار لكثرة الاستعمال كأنه مقصور عليه.


(١) حديث عطاء بن يسار: " لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة " الحديث وقد تقدم ذكره.
(٢) سنن أبو داود الزكاة (١٦٣٥)، سنن ابن ماجه الزكاة (١٨٤١)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٥٦)، موطأ مالك الزكاة (٦٠٤).
(٣) معالم السنة جـ ٢ ص ٢٣٤ ـ ٢٣٥
(٤) سورة التوبة الآية ٦٠
(٥) النهاية في غريب الحديث ص ١٤٥ ج٢