للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمول عند الفريق الثاني على الذم وهو متمش مع ما قالوا به من أن كل بدعة مذمومة إذ لا بدعة محمودة إطلاقا وهو من أدلتهم على هذا الإطلاق.

أما عند الفريق الأول: فهو محمول أيضا على البدعة المذمومة المحدثة في الدين. أما البدعة المحمودة التي لها أصل تستند إليه فلا يشملها هذا الذم؛ لأن لها أصلا مشروعا.

٢ - قوله صلى الله عليه وسلم: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء (١)» رواه مسلم (٢).

فالفريق الأول: يجعلون هذا الحديث وأمثاله سندا لهم في أن هناك أعمالا مبتدعة فإن كانت خيرا أو تؤدي إلى خير فهي من السنن المثنى عليها في هذا الحديث وإن كانت شرا أو تؤدي إلى شر فهي من السنن المذمومة في شطر الحديث «ومن سن سنة سيئة (٣)» وهذا هو معنى تقسيمنا للبدعة إلى حسنة ومذمومة.

أما الفريق الثاني: فيجيبون عن هذا الحديث وأمثاله بجواب منسجم مع اصطلاحهم: هو كما قال الشاطبي: والجواب عن هذا أن يقال: ليس المراد بالحديث الاستنان بمعنى الاختراع وإنما المراد به العمل بما ثبت من السنة النبوية وذلك لوجهين:

(أ) أن السبب الذي جاء لأجله الحديث هو الصدقة المشروعة حيث قاله الرسول صلى الله عليه وسلم عندما «جاء رجل من الأنصار بصرة كبيرة فيها


(١) صحيح مسلم الزكاة (١٠١٧)، سنن النسائي الزكاة (٢٥٥٤)، سنن ابن ماجه المقدمة (٢٠٣)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣٥٩)، سنن الدارمي المقدمة (٥١٤).
(٢) رياض الصالحين ص٩٤ فيمن سن سنة حسنة أو سيئة.
(٣) صحيح مسلم الزكاة (١٠١٧)، سنن الترمذي العلم (٢٦٧٥)، سنن النسائي الزكاة (٢٥٥٤)، سنن ابن ماجه المقدمة (٢٠٣)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣٥٩)، سنن الدارمي المقدمة (٥١٢).