للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دراهم فلما رآه الناس تتابعوا في التصدق فتهلل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم سرورا بما رآه فقال: من سن سنة حسنة (١)» الحديث. فهذا الرجل قد أحيا الصدقة التي كان مأمورا بها في الكتاب والسنة، فهذا مطابق لما جاء عنه صلى الله عليه وسلم من قوله: فيما خرج الترمذي لبلال بن الحارث: «اعلم: قال: ما أعلم يا رسول الله؟ قال: اعلم يا بلال. قال ما أعلم يا رسول الله. قال: إن من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا، ومن ابتدع بدعة ضلالة لا ترضي الله ورسوله كان عليه مثل آثام من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيئا (٢)» حديث حسن (٣) وقال عليه الصلاة والسلام من حديث أنس «ومن أحيا سنتي فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة (٤)» حديث حسن (٥).

فالرسول صلى الله عليه وسلم سمى هذه البدعة حسنة لأنها إحياء لسنة سبقت؛ ولهذا قال: «ومن ابتدع بدعة ضلالة (٦)» فجعل مقابل تلك السنة الابتداع فظهر أن السنة الحسنة ليست بمبتدعة.

(ب) الوجه الثاني: أن قوله صلى الله عليه وسلم من سن سنة حسنة، ومن سن سنة سيئة لا يمكن حمله على الاختراع من أصل لأن كونها حسنة أو سيئة لا يعرف إلا من جهة الشرع؛ لأن التحسين والتقبيح مختص بالشرع لا مدخل للعقل فيه، وهو مذهب جماعة من أهل السنة، وإنما يقول به المبتدعة بالعقل. فلزم أن تكون السنة في الحديث إما حسنة في الشرع وإما قبيحة بالشرع فلا يصدق إلا على مثل الصدقة المذكورة التي قيل


(١) صحيح مسلم الزكاة (١٠١٧)، سنن النسائي الزكاة (٢٥٥٤)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣٥٩)، سنن الدارمي المقدمة (٥١٤).
(٢) سنن الترمذي العلم (٢٦٧٧).
(٣) الجامع الصحيح للترمذي من كتاب العلم باب ١٦.
(٤) سنن الترمذي العلم (٢٦٧٨).
(٥) نفس المصدر.
(٦) سنن الترمذي العلم (٢٦٧٧).