للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال القاضي: سئل الإمام أحمد رحمه الله عما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أن الله احتجز التوبة عن كل صاحب بدعة (١)» وحجز التوبة أيش معناه؟ قال أحمد: لا يوفق ولا ييسر صاحب بدعة.

ووجه الدلالة من الحديث الأول أن المبتدع يلازمه وزر بدعته ووزر من عمل بها إلي يوم القيامة، وهذا يعني أنه من الأخسرين أعمالا فلا توبة له؛ لأن بدعته حالت بينه وبين التوبة، وكذلك فإن ما روي عن أنس مرفوعا من حجب التوبة عن كل صاحب بدعة، يدل على أن المبتدع محجوب عن التوبة والتوبة محجوبة عنه؛ لأن بدعته قد أحاطت به والعياذ بالله.

ويعلل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عدم توبة أهل البدع والأهواء بقوله: لأن اعتقاد هؤلاء لبدعهم يدعوهم إلى ألا ينظروا نظرا تاما إلى دليل مخالفيهم من أهل الحق فلا يعرفون الحق ولهذا قال السلف: إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية. وقال أبو أيوب السختياني وغيره: إن المبتدع لا يرجع (٢).

أما الشاطبي رحمه الله فيبرر عدم قبول توبة صاحب البدعة بقوله: أما أن صاحبها ليس له من توبة فلما جاء من قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة (٣)»، وعن يحيى بن أبي عمرو الشيباني قال: كان يقال: يأبى الله لصاحب بدعة بتوبة. وما انتقل صاحب بدعة إلا إلى أشر منها. ونحوه: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ما كان رجل على رأي من البدعة فتركه إلا إلى ما هو شر منه. خرج هذه الآثار ابن وضاح (٤).


(١) سنن ابن ماجه المقدمة (٥٠).
(٢) غذاء الألباب شرح منظومة الآداب لمحمد السفاريني ٥٦٨/ ٢ وما بعدها.
(٣) سنن ابن ماجه المقدمة (٥٠).
(٤) الاعتصام ١٢٣/ ١.