للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣ وقوله سبحانه: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} (١).

ووجه الدلالة من الآية الأولى: أن الله نهى المسرفين على أنفسهم أن يقنطوا من رحمته؛ لأنه سبحانه يغفر الذنوب جميعا. وهؤلاء المبتدعة من عباده المسرفين على أنفسهم بهذه البدع الذين أخبر وهو أصدق القائلين أنه يغفر الذنوب جميعا وبدعة هؤلاء ذنب يشمله هذا الوعد منه سبحانه. وما دام الأمر كذلك فلا مجال لتخصيص أهل البدع بعدم التوبة.

ووجه الدلالة من الآية الثانية: أنه سبحانه أخبر بأنه كثير الرحمة والمغفرة لجميع من تاب وآمن وعمل صالحا، ثم اهتدى. وكلمة (من) من صيغ العموم فتشمل كل المذنبين والمبتدع منهم.

ووجه الدلالة من الآية الثالثة: أنه سبحانه أخبر أنه صاحب مغفرة لجميع الناس الظالمين، والمبتدع من الناس وبدعته من الظلم فيشمله الغفران وتشملها المغفرة كذلك؛ ولهذا ورد عن علي بن أبي طالب قوله: ما في القرآن آية أوسع من هذه الآية: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} (٢) الآية.

وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: وهذه أرجى آية في القرآن. فقال عبد الله بن عباس: أرجى آية في القرآن قوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} (٣).

٤ - وجاء عن أبي هريرة فيما رواه مسلم (٤) أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه (٥)».


(١) سورة الرعد الآية ٦
(٢) سورة الزمر الآية ٥٣
(٣) سورة الرعد الآية ٦
(٤) مختصر صحيح مسلم للمنذري ٢٧١/ ٢.
(٥) صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٧٠٣)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٩٥).