للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢ - والثاني هو الإقامة للصلاة: وتسميتها أذانا من باب تغليب الأذان عليها، أو لاشتراكهما في الإعلام؛ حيث جاء عن ابن أبي ذؤيب: «كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر أذانين يوم الجمعة (١)» ووجه كونها أذانا ثانيا هو أنها تقع في الترتيب بعد الأذان المعهود في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه. وهذا الأذان أو الإقامة لا خلاف فيها.

٣ - الأذان الثالث وهو ما وجد على عهد عثمان رضي الله عنه كما ورد في الحديث السابق وهذا هو محل البحث:

عرفنا من فعل عثمان للأذان الثاني أنه سنة مشروعة لا بدعة للأسباب الآتية:

١ - أنه أمر بهذا في وقت الصحابة وفعله، وأقروه على هذا دون نكير، فكان كالإجماع، اللهم إلا ما روي عن ابن عمر أنه قال: الأذان الأول يوم الجمعة بدعة. فهذا منه: يحتمل الإنكار، ويحتمل أن يريد أنه لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وكل ما لم يكن في زمنه يسمى بدعة، ويكون قصد ابن عمر على هذا: أنه بدعة لغوية كما سمى أبوه صلاة التراويح بدعة لهذا السبب كما فصلنا القول فيه آنفا.

٢ - أنه أحدثه لإعلام الناس بدخول الوقت لما كثروا قياسا على بقية الصلوات، فألحق الجمعة بها وأبقى خصوصيتها بالأذان بين يدي الخطيب (٢) ٣ - وفعل عثمان رضي الله عنه هذا مشروع لقوله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ (٣)» وعثمان من الخلفاء الذين أمرنا بالاستنان بسنتهم. فلا يكون عثمان


(١) مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٤٥٠).
(٢) انظر فتح الباري ٣٩٤/ ٢، وعون المعبود ٣٦٠/ ١٢، وتفسير القرطبي ١٠٠/ ١٨.
(٣) سنن الترمذي العلم (٢٦٧٦)، سنن ابن ماجه المقدمة (٤٤)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٢٦)، سنن الدارمي المقدمة (٩٥).