رضي الله عنه بهذا مبتدعا وتابعه كذلك لا يصح أن يقال إنه جاء ببدعة.
ولهذا فلا متعلق للمبتدعة بإحداث عثمان هذا الأذان؛ لأن له أصلا شرعيا، وليس من البدعة في شيء؛ لأن البدعة محدثة لا أصل لها من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس ولا فعل صحابي كعثمان.
(جـ) يتعلق المبتدعة بأدلة يزعمون أنها تبرر ما جاءوا به من بدع وما أحدثوا من مخالفات: ومن هذا: استدلالهم بما جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه: (ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رأوه قبيحا فهو عند الله قبيح) والمقصود ما رأوه بعقولهم، وإلا لو كان حسنه بالدليل الشرعي لم يكن من حسن ما يرون؛ إذ لا مجال للعقول في التشريع، فدل على أن المقصود ما رأوه برأيهم.
ولكن نقول قبل الكلام عن هذا الحديث: إن الاستحسان لا يكون إلا بمستحسن وهو: إما العقل وإما الشرع. أما الشرع فاستحسانه هو الاستحسان الحق؛ لأن الأدلة اقتضت هذا، وأما العقل إذا استحسن فإن كان بدليل فهو حق، ولا فائدة لهذه التسمية لرجوعه إلى الأدلة لا إلى غيرها، وإن كان بغير دليل فذلك هو البدعة التي تستحسن، ويشهد لهذا تعريف من عرف الاستحسان: بأنه ما يستحسنه المجتهد بعقله، ويميل إليه برأيه. وهذا النوع من الاستحسان هو الذي تعلق به المبتدعة، وبه حسنوا بدعهم. وهم حينما فعلوا كانوا يظنون أنهم على شيء من الحق وأنهم باستحسانهم لهذه البدع إنما ساروا على مصدر من مصادر التشريع المعتبرة عند كثير من العلماء. ولم يعرفوا أن الاستحسان الذي ساروا على فهمه يختلف عن الاستحسان الذي فهمه العلماء