للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من هذا يظهر أن ما يفعله بعض الموسوسين في نية الصلاة بدعة منكرة، كمن يقول: نويت أصلي صلاة كذا ثم يعيد هذا ظنا منه أنه نقض النية. وكمن يكبر ثم ينقض ثم يكبر ثم ينقض، فإذا ركع الإمام كبر الموسوس وركع معه. فهذه البدعة فوتت عليه فضيلة تكبيرة الإحرام (١) في وقتها ومتابعة الإمام وقراءته وهو يظن أنه على شيء من الهدى، وهو أبعد ما يكون عنه. فالشريعة سمحة سهلة سليمة من هذه الآفات وما جرى الرسول صلى الله عليه وسلم عليه هو المعيار الصحيح للسير إلى الله.

وإذا كان بعض العلماء يجيز التلفظ بالنية فبالرغم من أنه مرجوح لعدم الدليل عليه، إلا أن هؤلاء المجيزين يتلفظون بها سرا دون ترديد أو تردد، كهذا الذي يفعله بعض الجهلة من التلفظ بتكبيرة الإحرام، ثم إعادتها زعما منه أن الأولى لم تنعقد.

٤ - ومن البدع الشائعة: اتخاذ اليوم الذي يوافق مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدا: جرت عادة بعض المسلمين على إقامة عيد سنوي بمناسبة ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا العيد تقام الاحتفالات المشتملة على الخطب والقصائد وقراءة القرآن، والإشادة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وذكر شمائله وإظهار محاسنه، وبيان معجزاته وتوضيح سيرته، والمعروف أن من أحدث هذا بمصر هم الفاطميون في القرن الرابع، فابتدعوا عيد المولد النبوي، ومولد بعض آل البيت كعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، وبقيت هذه الموالد إلى أن أبطلها الأفضل بن أمير الجيوش الأيوبي، ثم أعيدت في خلافة الحاكم بأمر الله سنة أربع وعشرين وخمسمائة للهجرة بعد ما كاد الناس


(١) انظر تلبيس إبليس ١٣٨.