للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيضا: فإن الطريق متى أفضت إلى الحرام، فإن الشريعة لا تأتي بإباحتها أصلا؛ لأن إباحتها وتحريم الغاية جمع بين النقيضين، فلا يتصور أن يباح شيء ويحرم ما يفضي إليه بل لا بد من تحريمهما أو إباحتهما، والثاني باطل قطعا، فيتعين الأول.

وأيضا: فإن الشارع إنما حرم الربا، وجعله من الكبائر، وتوعد آكله بمحاربة الله ورسوله، لما فيه من أعظم الفساد والضرر، فكيف يتصور -مع هذا- أن يبيح هذا الفساد العظيم بأيسر شيء يكون من الحيل؟.

فيا لله العجب، أترى هذه الحيلة أزالت تلك المفسدة العظيمة، وقلبتها مصلحة بعد أن كانت مفسدة؟.

وأيضا: فإن الله سبحانه عاقب أهل الجنة الذين أقسموا ليصرمنها مصبحين وكان مقصودهم منع حق الفقراء من الثمر المتساقط وقت الحصاد، فلما قصدوا منع حقهم منعهم الله الثمرة جملة.

ولا يقال: فالعقوبة إنما كانت على رد الاستثناء وحده، لوجهين:

أحدهما: أن العقوبة من جنس العمل، وترك الاستثناء عقوبته: أن يعوق وينسى لا إهلاك ماله، بخلاف عقوبة ذنب الحرمان، فإنها حرمان كالذنب.

الثاني: أن الله تعالى أخبر عنهم أنهم قالوا: {أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ} (١) ورتب العقوبة على ذلك، فلو لم يكن لهذا الوصف


(١) سورة القلم الآية ٢٤