للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مدخل في العقوبة لم يكن لذكره فائدة فإن لم يكن هو العلة التامة كان جزءا من العلة.

وعلى التقديرين: يحصل المقصود.

وأيضا: فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الأعمال بالنيات (١)» والمتوسل بالوسيلة التي صورتها مباحة إلى المحرم إنما نيته المحرم، ونيته أولى به من ظاهر عمله.

وأيضا: فقد روى ابن بطة وغيره بإسناد حسن عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل» وإسناده مما يصححه الترمذي.

وأيضا: فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها، وأكلوا أثمانها (٢)» و " جملوها " يعني: أذابوها وخلطوها وإنما فعلوا ذلك ليزول عنها اسم الشحم، ويحدث لها اسم آخر، وهو الودك، وذلك لا يفيد الحل، فإن التحريم تابع للحقيقة، وهي لم تتبدل بتبدل الاسم.

وهذا الربا تحريمه تابع لمعناه وحقيقته، فلا يزول بتبدل الاسم بصورة البيع كما لم يزل تحريم الشحم بتبديل الاسم بصورة الجمل والإذابة، وهذا واضح بحمد الله.

وأيضا: فإن اليهود لم ينتفعوا بعين الشحم، إنما انتفعوا بثمنه، فيلزم من وقف مع صور العقود والألفاظ، دون مقاصدها وحقائقها: أن لا يحرم ذلك، لأن الله تعالى لم ينص على تحريم الثمن، وإنما حرم عليهم نفس الشحم، ولما لعنهم على استحلالهم الثمن وإن لم ينص على تحريمه دل على أن الواجب النظر إلى المقصود وإن اختلفت الوسائل


(١) صحيح البخاري بدء الوحي (١)، صحيح مسلم الإمارة (١٩٠٧)، سنن الترمذي فضائل الجهاد (١٦٤٧)، سنن النسائي الطهارة (٧٥)، سنن أبو داود الطلاق (٢٢٠١)، سنن ابن ماجه الزهد (٤٢٢٧)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٤٣).
(٢) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (٣٤٦٠)، صحيح مسلم المساقاة (١٥٨٢)، سنن النسائي الفرع والعتيرة (٤٢٥٧)، سنن ابن ماجه الأشربة (٣٣٨٣)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٥)، سنن الدارمي الأشربة (٢١٠٤).