للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١ - قاعدة سد الذرائع:

الأصل الكلي في تحريم لبس الحلقة وتعليق التمائم والودع والخرز وربط الخيط، وما في معنى ذلك من الحروز التي يستشفي بها الجهلة والمبتدعة سد الذرائع، وقاعدة سد الذرائع كلية يقينية ثبتت باستقراء أدلة الكتاب والسنة في جميع أبواب الشريعة عقائد وعبادات ومعاملات وغير ذلك، وقد أطال ابن تيمية الكلام على الاستدلال عليها بأدلة من جميع أبواب الشريعة، فاستدل عليها بقوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} (١) وينهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد، وبالنهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، وعن الصلاة إلى ما قد عبد من دون الله، وبالنهي عن الجمع بين المرأة وعمتها، وبالنهي عن بيع وسلف وعن اشتراء الإنسان السلعة ممن باعه إياها لأجل بأقل من ثمنها، وكفه عن قتل المنافقين خشية أن يقال إن محمدا يقتل أصحابه، وبتحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية والسفر بها ولو في مصلحة دينية، وبتحريم خطبة المعتدة أو العقد عليها في العدة، وبحرمان القاتل من ميراث قتيله، كقتل الجماعة بالواحد، وتقدم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون صوما قد اعتاده فليصمه، وبإقامة الحدود والتعزيرات سدا للتذرع إلى المعاصي. . . إلى غير ذلك من الأدلة المتنوعة. يتبين ذلك من كلمته وكلمة تلميذه ابن القيم فيما يلي مع زيادة تفصيل في أنواع الذرائع: قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله (٢):

(الوجه الرابع والعشرون): إن الله سبحانه ورسوله سد الذرائع المفضية إلى المحارم بأن حرمها ونهى عنها.

والذريعة ما كان وسيلة وطريقا إلى الشيء، لكن صارت في عرف الفقهاء عبارة عما أفضت إلى فعل محرم، ولو تجردت عن ذلك الإفضاء لم يكن فيها مفسدة. ولهذا قيل: الذريعة الفعل الذي ظاهره أنه مباح وهو وسيلة إلى فعل


(١) سورة الأنعام الآية ١٠٨
(٢) الفتاوى الكبرى ج٣ ص ٢٥٦ وما بعدها.