للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(العشرون): «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون صوما كان يصومه أحدكم فليصمه (١)»، «ونهى عن صوم يوم الشك (٢)» إما مع كون طلوع الهلال مرجوحا وهو حال الصحو، وإما سواء كان راجحا أو مرجوحا أو مساويا على ما فيه من الخلاف المشهور، وما ذاك إلا لئلا يتخذ ذريعة إلى أن يلحق بالفرض ما ليس منه، وكذلك حرم صوم اليوم الذي يلي آخر الصوم وهو يوم العيد وعلل بأنه «يوم فطركم من صومكم (٣)» تمييزا لوقت العبادة من غيره؛ لئلا يفضي الصوم المتواصل إلى التساوي، وراعى هذا المقصود في استحباب تعجيل الفطور وتأخير السحور، واستحباب الأكل يوم الفطر قبل الصلاة، وكذلك ندب إلى تمييز فرض الصلاة عن نفلها وعن غيرها، فكره للإمام أن يتطوع في مكانه وأن يستديم استقبال القبلة، وندب المأموم إلى هذا التمييز، ومن جملة فوائد ذلك سد الباب الذي قد يفضي إلى الزيادة في الفرائض.

(الحادي والعشرون): أنه صلى الله عليه وسلم كره الصلاة إلى ما قد عبد من دون الله سبحانه وأحب لمن صلى إلى عمود أو عود ونحوه أن يجعله على أحد حاجبيه ولا يصمد إليه صمدا؛ قطعا لذريعة التشبيه بالسجود لغير الله سبحانه.

(الثاني والعشرون): أنه سبحانه منع المسلمين من أن يقولوا للنبي صلى الله عليه وسلم: (راعنا) مع قصدهم الصالح؛ لئلا تتخذه اليهود ذريعة إلى سبه صلى الله عليه وسلم، ولئلا يتشبه بهم، ولئلا يخاطب بلفظ يحتمل معنى فاسدا.

(الثالث والعشرون): أنه أوجب الشفعة لما فيه من رفع الشركة، وما ذاك إلا لما يفضي إليه من المعاصي المعلقة بالشركة والقسمة؛ سدا لهذه المفسدة بحسب الإمكان.

(الرابع والعشرون): أن الله سبحانه أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يحكم بالظاهر مع إمكان أن يوحي إليه بالباطن، وأمره أن يسوي الدعاوى بين العدل والفاسق وألا يقبل شهادة ظنين في قرابة وإن وثق بتقواه، حتى لم يجز للحاكم أن يحكم بعلمه عند أكثر الفقهاء؛ لينضبط طريق الحكم؛ فإن التمييز بين الخصوم والشهود يدخل فيه من الجهل والظلم ما لا يزول إلا بحسم هذه المادة، وإن أفضت في آحاد الصور إلى الحكم بغير الحق؛ فإن فساد ذلك قليل إذا لم يتعمد في جنب


(١) صحيح البخاري الصوم (١٩١٤)، صحيح مسلم الصيام (١٠٨٢)، سنن الترمذي الصوم (٦٨٤)، سنن النسائي الصيام (٢١٧٣)، سنن أبو داود الصوم (٢٣٣٥)، سنن ابن ماجه الصيام (١٦٥٠)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٨١)، سنن الدارمي الصوم (١٦٨٩).
(٢) صحيح البخاري الصوم (١٩٩٤)، صحيح مسلم الصيام (١١٣٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٣٩).
(٣) صحيح البخاري الصوم (١٩٩٠)، صحيح مسلم الصيام (١١٣٧)، سنن الترمذي الصوم (٧٧١)، سنن أبو داود الصوم (٢٤١٦)، سنن ابن ماجه الصيام (١٧٢٢)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٣٤)، موطأ مالك النداء للصلاة (٤٣١).