عودة السلعة إلى البائع وإن لم يتواطأ على الربا، وما ذاك إلا سدا للذريعة.
(الخامس عشر): أنه تقدم عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه منع المقرض قبول هدية المقترض، إلا أن يحسبها له أو يكون قد جرى ذلك بينهما قبل القرض. وما ذاك إلا لئلا تتخذ ذريعة إلى تأخير الدين لأجل الهدية فيكون ربا إذا استعاد ماله بعد أن أخذ فضلا. وكذلك ما ذكر من منع الوالي والقاضي قبول الهدية ومنع الشافع قبول الهدية؛ فإن فتح هذا الباب ذريعة إلى فساد عريض في الولاية الشرعية.
(السادس عشر) إن السنة مضت بأنه ليس لقاتل من الميراث شيء، إما القاتل عمدا كما قال مالك، والقاتل مباشرة كما قاله أبو حنيفة على تفصيل لهما. أو القاتل قتلا مضمونا بقود أو دية أو كفارة. أو القاتل بغير حق، أو القاتل مطلقا في هذه الأقوال في مذهب الشافعي وأحمد، وسواء قصد القاتل أن يتعجل الميراث أو لم يقصده؛ فإن رعاية هذا القصد غير معتبرة في المنع وفاقا، وما ذاك إلا لأن توريث القاتل ذريعة إلى وقوع هذا الفعل، فسدت الذريعة بالمنع بالكلية مع ما فيه من علل أخر.
(السابع عشر): إن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ورثوا المطلقة المبتوتة في مرض الموت، حيث يتهم بقصد حرمانها الميراث بلا تردد، وإن لم يقصد الحرمان؛ لأن الطلاق ذريعة، وأما حيث لا يتهم ففيه خلاف معروف، مأخذ الشارع في ذلك أن المورث أوجب تعلق حقها بماله، فلا يمكن من قطعه أو سد الباب بالكلية، وإن كان في أصل المسألة خلاف متأخر عن إجماع السابقين.
(الثامن عشر): إن الصحابة وعامة الفقهاء اتفقوا على قتل الجمع بالواحد، وإن كان قياس القصاص يمنع ذلك؛ لئلا يكون عدم القصاص ذريعة إلى التعاون على سفك الدماء.
(التاسع عشر): «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن إقامة الحدود بدار الحروب؛ لئلا يكون ذلك ذريعة إلى اللحاق بالكفار».