آمن بدينه الذي أرشده الله إليه، ولكنه رغم إيمانه به انحرف عنه في سلوكه ظاهرا وباطنا، وجاهر بالمخالفة، وبارز الله بالمعصية في غير مبالاة ولا حياء، فشقي في حياته الدنيا، وعرض نفسه لسخط الله وعقابه.
وفريق ثالث
آمن بدينه الذي ارتضى الله له، ولكنه نافق واتخذ التدين شعارا زائفا يموه به على العامة، ويخدع به من ينطلي عليهم زوره وبهتانه، وقد تنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الصنف من المنافقين، وبين مآلهم وعاقبة أمرهم فقال.
«يخرج في آخر الزمان رجال يختلون - أي يطلبون - الدنيا بالدين يلبسون للناس جلود الضأن من اللين، ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم قلوب الذئاب، يقول الله عز وجل. أبي يغترون؟ أم علي يجترئون؟ فبي حلفت لأبعثن على أولئك منهم فتنة تدع الحليم حيران (١)».
وفريق رابع
جحد الأديان كلها، وزعم أنها جميعا أوهام وأباطيل مستحدثة، يقول أستاذنا المرحوم الدكتور محمد عبد الله دراز في كتابه (الدين) ص ٧٣ وما بعدها:
" ذهب بعض كتاب القرن الثامن عشر الذين مهدوا للثورة الفرنسية إلى أن الديانات والقوانين ما هي إلا منظمات مستحدثة، وأعراض طارئة على البشرية،
حتى قال (فولتير): إن الإنسانية لا بد أن تكون قد عاشت قرونا متطاولة في حياة مادية خالصة، قوامها الحرث، والنحت، والبناء، والحدادة، والنجارة. . . قبل أن تفكر في مسائل الديانات والروحانيات، بل قال: إن فكرة التأليه إنما اخترعها دهاة ماكرون، من الكهنة، والقساوسة الذين لقوا من يصدقهم من الحمقى والسخفاء ".
ثم بين -رحمه الله- أن هذه النظرة الساخرة إلى الأديان ليست مبتكرة، وإنما هي ترديد لصدى مجون قديم كان يتفكه به أهل السفسطة من اليونان، وكانوا يروجونه فيما روجوه من المغالطات والتشكيكات.
ثم قال: " إنه لم ينقض القرن الثامن عشر حتى ظهر خطأ هذه المزاعم: حيث كثرت الرحلات إلى خارج أوربا، واكتشفت العوائد، والعقائد، والأساطير المختلفة، وتبين من مقارنتها أن فكرة التدين