للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول للبشرية جمعاء. وكما في قوله عز وجل عن يوسف: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} (١).

ومنهم من رأى عدم الاشتراك بتسميته جدا، ونظر إلى معنى آخر وهو اشتراك الجد والإخوة في قربهم من الميت باستواء.

وأحيانا يكون الاختلاف راجعا إلى تعارض نصين عامين في القرآن، فقد ذهب عمر وابن مسعود إلى أن الحامل المتوفى عنها زوجها تكون عدتها وضع الحمل، وذهب علي وابن عباس إلى أنها تعتد بأبعد الأجلين (وضع الحمل أو عدة الوفاة). وسبب الخلاف أن قوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (٢) يدل على أن عدة الحامل وضع الحمل.

وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} (٣). يفيد أن عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام من غير تفصيل بين الحامل وغيرها، فذهب علي وابن عباس إلى العمل بالآيتين معا، فتكون كل آية منهما مخصصة لعموم الأخرى، وذهب عمر وابن مسعود إلى أن آية: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} (٤) خاصة بغير الحامل؛ لتأخير آية: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ} (٥)

والصواب ما ذهب إليه عمر وابن مسعود بلا شك؛ لحديث سبيعة بنت الحارث الأسلمية، «فقد توفي عنها زوجها سعد بن خولة - رضي الله عنه - في حجة الوداع، وهي حامل فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته، فلما تعلت من نفاسها (أي: طهرت من نفاسها) تجملت للخطاب، فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك (رجل من بني عبد الدار) فقال لها: ما لي أراك متجملة؟ لعلك ترجين النكاح؟ إنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشرة. قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت، فأتيت رسول الله


(١) سورة يوسف الآية ٣٨
(٢) سورة الطلاق الآية ٤
(٣) سورة البقرة الآية ٢٣٤
(٤) سورة البقرة الآية ٢٣٤
(٥) سورة الطلاق الآية ٤